مقام

مقام

03 فبراير 2019
فيك مونيز/ البرازيل
+ الخط -

مذ جئت هذه المدينة، وأنا أطمح إلى الوصول لمرتبة أو مقام المتشرّد: كل ما يملكه من حطام الدنيا، هو حقيبة يحملها على كتفيه.

طوال عمري أكره سيكلوجية الامتلاك.

طوال عمري أومن أن ما تمتلكه هو الذي يمتلكك في الحقيقة.

وكلما راكمت أشياء، زادت عبوديتك لها.

أطمح، ولا أُنفّذ.

ففي كل بيت سكنته، راكمت مما أجده على قارعة الطريق، وفي المحلات الرخيصة، حوائج وأشياء.

وحين تحين لحظة المغادرة، أختنق.

حمولاتي ثقيلة وعديدة فماذا أفعل. أرمي معظمها، ولكن الباقي يظل - هو أيضاً - عبئا.

تكرر الأمر، مرات ومرات.

واليوم حسمت الموضوع. ففي غد قريب سأغادر" باي دي برون" إلى غرفة أخرى في حيّ الغوتيكو.

رميت الملابس كلها تقريبا، وكذا فعلت مع أغلب الكتب، وسواها.

ولأول مرة مذ جئت هنا، أشعر أنني خفيف، نسبياً.

آلمتني الكتب التي لففت طويلا حتى أنتقيها، لكن عدم الاستقرار يُحتّم.

أما سواها، فألم فراقه هيّن.

سأحتفظ فقط بكمبيوترين، ومجموعة من الغلايين، وبعض ملابس الشتاء، فإذا عشت للصيف، أرمي الشتوي وأشتري الصيفي المستعمل، وهكذا أظل، بلا أحمال لا داعي لها.

إنها خطوة متقدمة في درب الحصول على مقام المتشرد.

أن تكون حياتك خفيفة مثل وزنك وحضورك، وأن تكون اكثر إنسانية، فقط لأنك لا تطمح إلى امتلاك سوى الضروري.

سأنتقل بشنطة واحدة.


* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون