"جوغينغ": عن مدينة تُعمّر لتهدم

ظلّت التحولات في عملها الجديد "جوغينغ - مسرح قيد التطوير" الذي كتبت نصّه وأخرجته وقامت بتأديته، قائمة في فكرة العرض وتمثيله منذ وُضعت مسودته الأولى عام 2014، إلى أن اعتمدت كلياً مبدأ "المسرح الفارغ" الذي يرتكز على الممثل والعلاقة مع الجمهور وعلى استثارة خياله.

تقدّم الحاج علي عرضاً جديداً من مسرحيتها عند السابعة والنصف من مساء الخميس المقبل، الرابع عشر من الشهر الجاري في مقرّ "البيت العربي" في مدريد، والتي اتخذت عنوانها من ممارسة رياضة الهرولة (الجوغينغ) للوقاية من السمنة وتفتّت العظام والتوتر العصبي.

أعدّ درامارتورجيا العمل الكاتب السوري عبد الله الكفري، والذي تنبني حبكته الأساسية على تحرّر الشخصية التي تمارس الجوغينغ وذهابها إلى المسرح مازجةً بين الحقيقة والخيال، بين الواقع وبين ما يمكن أن يكون واقعاً.

تستعيد شخصيات المسرحية الثلاث أدواراً ورغبات وأحلاماً وخيبات، حيث "يفرز جسدها هرمونَي الأدرينالين والدوبامين الذين يولّدان مفاعيل متناقضة محفزة ومحبطة، بناءة وهدامة، وذلك في إطار مدينة تدمر لتبني وتعمّر لتهدم"، بحسب بيان العرض، حيث تعيد الفنانة اكتشاف ذاتها، وعلاقتها ببيروت، وتدخل تدريجاً في عوالم مختلفة، مفردةً علاقة خاصة بشخصية "ميديا"، في الأسطورة اليونانية، انطلاقاً من كونها مواطنة لبنانية وأمّاً، تعيد التفكير بما اقترفته، هي التي ذبحت أبنائها انتقاماً من زوجها كما جرى تناولها في مسرحية "أوريبيدس".

تجسّد الحاج علي كذلك شخصية "إيفون" المرأة اللبنانية التي قتلت بناتها الثلاث وانتحرت انتقاماً كذلك من زوجها، ثم زهرة المرأة الجنوبية التي عاشت حالة شبه "ميديوية" بعد خيانة زوجها لها وفقدها أولادها الثلاثة، وهي تستحضر أسطورة "ميديا" باعتبارها الشريرة القاتلة التي تمثّل ضحية القهر الذكوري مجسَّداً في الزوج المتسلط والمتجبر، والتي تتحمل إسقاطات اجتماعية وسياسية وثقافية عديدة.

اختارت الفنانة أكثر من نهاية لتختم بها مسرحيتها في إطار لعبة يتداخل خلالها الواقع والفنتازيا حيث لا حدود بينهما، ولا يمكن التمييز بين الشخصية الحقيقية لحنان الحاج علي وبين تخييلها على الخشبة.