"بيتر والذئب": الآلات الموسيقية كشخصيات مسرحية

في عام 1936، قدّم الموسيقار الروسي سيرغي بروكوفييف (1891 – 1953) بإعادة تأليف إحدى الحكايات الشعبية المعروفة في ثقافات عديدة ووضع ألحانها في مسرحية حملت عنوان "بيتر والذئب". لاقى العمل انتشاراً كبيراً حينها، دفع بروكوفييف إلى وضع العديد من المقطوعات الموسيقية للأطفال.

تتألّف المسرحية من اثني عشرة مقطعاً تبدأ بتعريف الراوي بأبطال قصته، وتُختتم بموكب الانتصار الذي ينتهي بإهداء الذئب إلى حديقة الحيوان، وقد عُرضت للمرّة الأولى على خشبة "مسرح الأطفال المركزي" في موسكو، ثم جرى عرضها في العديد من مسارح العالم بعد ترجمة نصّها، حيث نقله إلى العربية نزيه جرجس.

ضمن فعاليات الدورة الأولى من "المهرجان الموسيقي للأطفال والعائلة"، والتي تتواصل على خشبة "مسرح الدراما" في "المؤسّسة العامّة للحي الثقافي" (كتارا) بالدوحة، حتى الثاني من الشهر المقبل، تُعرَض "بيتر والذئب" عند الخامسة من مساء بعد غدٍ الجمعة.

تؤدّي العمل "أوركسترا قطر الفلهارمونية" على مدار ساعة ونصف، بقيادة الموسيقي الإيطالي جيوفاني باسيني، ويؤدّي الفنان الألماني كريستوف شميتز دور الراوي، كما تقدّم الممثّلتان المسرحيّتان الألمانيّتان تمارا شافر وسفيتلانا شميتز لوحات تعبيرية تروي القصة.

تتناول "بيتر والذئب" قصة دخول الطفل بيتر إلى الغابة حيث يلتقي العصفور الصغير الذي كان يتغنّى بسكون الطبيعة، ثم التحقت به البطة التي كانت تسكن معه البيت، لتصادفهم بعد ذلك القطة، وبعد أن يؤلّف بينهم، سيتوجّهون إلى اصطياد الذئب الشرس الذس كان يهدّد حيوانات الغابة.

تحاكي الآلات النفخية والوترية صوت وانفعال كلّ شخصية، فتلعب آلة "الفلوت" دور العصفور الصغير، في حين كان دور البطة لآلة "الأوبو"، و"الكلارينت" للقطة، أما "الباسون" فمثّل شخصية الجد، وقامت بدور الذئب مجموعة الأبواق الفرنسية، أما طلقات نيران الصيادين التي أُطلقت على الذئب فأدتها الآلات الإيقاعية، وكان نصيب الآلات الوترية أن تؤدّي دور البطل بيتر.

يُعد العمل من أهمّ المسرحيات الموسيقية التي أُنتجت للأطفال في القرن الماضي، رغم بساطتها الشديدة وخلوّها من أية أحداث غريبة ولا يمكن تحقّقها، وكان اعتمادها الأساسي على تقديم حوار بين الآلات طوال مدة العرض، وربما من أجل ذلك نجح بروكوفييف في جذب الكبار والصغار معاً.