عاطف بطرس العطار: كيف نفكّر في كافكا عربياً؟

عاطف بطرس العطار: كيف نفكّر في كافكا عربياً؟

16 نوفمبر 2018
("كشف كافكا"، هيروكاي أوميدا/ اليابان)
+ الخط -

كيف يمكننا أن نفكّر في كافكا عربياً بعد نحو ثمانية عقود من الانشغال العربي به، والذي ظلّ يتأرجح بين الانبهار وصناعة أيقونة القداسة وبين الاتهام والتشكيك والرفض؟ وماذا يعني لنا اليوم، في لحظات قد تفوق في كارثيتها لحظة هزيمة الستينيات؛ أي في لحظات الحروب الأهلية والقتل والدمار والتشرد واللجوء وهزيمة الثورات؟ أسئلة طرحَها أستاذ الأدب المقارن في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، عاطف بطرس العطار، في محاضرة بعنوان "كافكا وقصص فلسطينية أخرى".

المحاضرة التي أُقيمت أول أمس الأربعاء، ضمن برنامج "سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، تناولت مشروع العطار البحثي "كافكا في الفكر العربي"، والذي سيصدر قريبًا في كتاب. خص الباحث هذه المحاضرة برسم بعض مسارات هذه العلاقة المرتبكة؛ علاقة كافكا بفلسطين، وسيناريوهاتها وترتيباتها.

استهل الباحث عرضه بطرح الأسئلة التالية: ما علاقة كافكا بفلسطين؟ وهل الحكاية الفلسطينية كافكاوية؟ أم أن قصص كافكا فلسطينية كما اقترح الكاتب وديع سوداح في مجموعته القصصية "كافكا وقصص فلسطينية أخرى"؟ وهل ينام كافكا تحت جلد كل مثقّف عربي وفلسطيني؟من المحاضرة

من هو كافكا الفلسطيني الذي يصوّره سميح القاسم في رسالته إلى محمود درويش قدّيساً أو نبياً يظهر فجأة ليعتلي منصة الأمم المتّحدة ملقياً كلمةً مقتضبةً على خلفية الكارثة الفلسطينية، "يلقي كافكا خطابه المرعب: ألم أقل لكم؟"؟ فهل حذّرَنا قبل رحيله عام 1924 ممّا سيحدث في فلسطين؟ وهل كان "نبي الهولوكوست" كما أراد أن يراه بعض النقاد، أم كان بالأحرى نبي النكبة، أم قديس الستينيات الذي تجلى للمثقفين العرب في زمن الهزيمة؟

يجيب الباحث عن السؤال الأخير ضارباً المثل بالروائي المصري نجيب محفوظ الذي ربما عبّر عن هذه اللحظة التي وُسمت بكونها "كافكاوية" عندما كتب: "عرفت كافكا قبل أربعين عاماً أو يزيد، لكني التقيت به عياناً بعد هزيمة 67 بوجه خاص".

يبرز العطار أن كافكا من المنظور العربي لم يبقَ ذاك النبي أو القدّيس المبجل فحسب، بل تجلّى أيضاً في صورة الشيطان؛ لا سيما حين صوّره بعض الكتاب العرب كاتباً صهيونياً، على خلفية حياته في مدينة براغ وسط دوائر ثقافية صهيونية، وبين أصدقاء هاجر معظمهم فيما بعد إلى فلسطين المحتلّة.

أشار المحاضِر، أيضاً، إلى أن كافكا فكّر في السفر إلى فلسطين، غير أنه لم يفعل؛ وإنما سافرت أوراقه ومخطوطاته التي حملتها حقيبة نازح يهودي غادر براغ قبل أن يجتاحها الجيش النازي بلحظات عام 1939، وبقيت معظم أوراق أديب براغ ذي الأصول اليهودية في فلسطين.

عُدّت هذه الأوراق إرثاً ثقافياً في "إسرائيل"، وأُودعت مكتبتها الوطنية. أمّا النازح اليهودي، فهو صديقه ماكس برود الذي قدّم كافكا للعالم فيما بعد على أنه صهيوني.

المساهمون