"كاموفلاج": صراع داخلي مع الرقيب

"كاموفلاج": صراع داخلي مع الرقيب

01 نوفمبر 2018
(من المسرحية)
+ الخط -
على خشبة مسرح "مركب المجازر الكبرى القديمة" في مدينة الدار البيضاء المغربية، تُعرض مسرحية "كاموفلاج" عند السادسة من مساء اليوم الخميس، والتي تقدّمها "جمعية فوانيس ورززات". العمل من تأليف عادل الوحدي وإخراج إسماعيل الوعرابي، وستتواصل عروضه خلال الشهر الجاري في مدن مغربية أخرى.

يقارب كاتب المسرحية تدّخلات السلطة عبر التاريخ في إعادة بناء النص الإبداعي بأي ثمن، ولو على حساب رغبة الكاتب وتوجّهاته، عبر تقديم متتالية من المشاهد حول قراءة خلفيات كتابة الأعمال الأدبية وكيفية قراءاتها والتحوّلات الناتجة عن تلقّيها.

يشتغل المخرج على ثنائية الإبداع/ الرقابة من خلال تتبُّع الصراع الدائم بين المبدع والرقيب الممارس لسلطة الحذف والتعديل والزيادة التي تلائم الجو السياسي المجتمعي الذي ينتميان إليه.

يبدأ العرض بمشهد كاتب يقرأ نصّه الذي يتحدّث عن تعرّض الحاكم للإهانة من قبل أحد أفراد شعبه بسبب ظلمه لهم، وينتقل بعدها للتوضيح أن لا علاقة له بما تحمله نصوصه من تأويلات مختلفة بحسب تلقيه، ثم يظهر الرقيب الذي يقدّم مرافعة مطوّلةً حول دوره التاريخي الهام في ضبط الإبداع وتوجيه المبدعين وحفظ المجتمع.

يعتمد العمل على الحوار بين المبدع والرقيب، اللذين يلازم أحدهما الآخر على مدار ساعة كاملة يستحضران خلالها نماذج لعدد من الكتّاب، حيث يحاول الأوّل تقديم وجهة نظره حول حرية الإبداع ودوره في بناء المجتمع بدءاً من استشهاده ببيت شهير للمتنبي؛ "أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي/ وأسْمَعَت كلماتي مَنْ به صَمَمُ".

ويذهب الثاني إلى تبرير أفعال السلطة في قمع الكتّاب والفنانين بسعيهما لحمايتم، وللآخرين الذين قد تتعرّض حياتهم إلى خطر وأذى نتيجة تبنيهم كتاباتهم وإبداعاتهم، وفي هذه المساحة من الحوار يأخذ مفهوم الإبداع بوصفه تحرّراً معاني فلسفية وجمالية بين الاثنين، ويستمران في أخذ ورد ونقاشات تنتهي بالعنف وتبادل الضربات واللكمات بينهما، ثم العودة إلى الحوار مجدّداً.

يمكن القول إن الحوار الذي يبدو بين شخصيتين مقاربتين أو منفصلتين يتبيّن، في مشاهد عدّة، بأنه صراع داخلي يدور بين الكاتب ونفسه؛ الكاتب والرقيب الذي في داخله.

المساهمون