"مكتبة الإسكندرية" لا تبتعد عن سوزان ومبارك

"مكتبة الإسكندرية" لا تبتعد عن سوزان ومبارك

03 يونيو 2017
(افتتاح مكتبة الإسكندرية في 2002، تصوير: مروان نعماني)
+ الخط -
أخيراً خلف مصطفى الفقي (سكرتير سابق للرئيس المخلوع حسني مبارك لشؤون المعلومات) إسماعيل سراج الدين، في منصب مدير مكتبة الإسكندرية. بعد كثير من الجدل حُسم قبل أيام بتسلّم الفقي لمهام عمله.

منذ تأسيسها الحديث عام 2002، ظلّ "منصب المدير" مثار جدل ونقاش كبيرين، داخل وخارج أروقة المكتبة، ذلك لجهة ارتباطاته بالولاء السياسي للنظام ولسياسات دولية ضعيفة الانتماء إلى مصر، وتداخل الأدوار بين الاستقلالية المفترضة للمؤسسة، وتطلعات النظام السياسي، لتحقيق مكاسب معينة من خلال استغلال سمعة المكتبة (تصنف ضمن أهم المكتبات في المشرق العربي وأفريقيا)، والترويج لمشاريع سياسية بعينها>

فقد أسند المنصب منذ تاريخ الافتتاح لنائب المدير السابق للبنك الدولي، المصري اسماعيل سراج الدين، والذي ظل يوصف بـ"رجل سوزان مبارك القوي"، والذي خاض معارك عديدة مع الباحثين وموظفي المكتبة، سيما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، حيث طالب الباحثون بضرورة إقالته باعتباره جزءاً من المنظومة التي قامت ضدها الثورة، بينما أثيرت شكاوى حول علاقة المدير السابق بالعديد من القضايا المتعلقة بالفساد المالي والإداري الذي شهدته المؤسسة خلال إدارته بإشراف مباشر من عقيلة الرئيس المخلوع، إلا أن ظروف ما بعد الثورة، وبيروقراطية المحاكم المصرية حالت دون تحقيق ذلك الهدف ليبقى الرجل في منصبه لعقد ونيف من الزمن (حتى الشهر الماضي).

من جهته استغل المدير "المنتهية ولايته"، برامج "التوك شو" المصرية للرد على الاتهامات التي طاولته، نافياً أن تكون "سوزان مبارك" قد تدخلت في عمله حتى أثناء إشرافها الفخري على المكتبة، ممتدحاً "جهودها لتطوير المكتبة، وإطلاق العديد من المبادرات من بينها برنامج القراءة للجميع، والحملة الدولية لدعم مكتبة الإسكندرية".

الجدل حول المكتبة لا يتوقف عند اللعبة السياسية، وقدوم رئيسها الجديد من خلفية معينة فحسب، بل يمتد إلى عملها وأنشطتها التي اقتربت أكثر خلال الفترة الماضية، الى الشكلانية والعلاقات العامة وتنظيم الحفلات، عوض الاهتمام بالمسار الفكري والبحثي والتوثيقي للمكتبة، وهي الانتقادات التي ظلت ترافق إدارة "سراج الدين".

وما يخشاه الباحثون اليوم يبدو أكثر عمقاً ورسوخاً بعد إسناد الأمر لشخصية سياسية، "مولعة بالظهور الإعلامي" كـ مصطفى الفقي، الذي لا يزال ضيفاً قاراً في عدد من القنوات، فضلاً عن قيامه لفترة ليست بالقصيرة بتقديم برامج في إحدى القنوات الفضائية الخاصة، الأمر الذي دفع بعض المعارضين لترشيحه، للتعبير عن خشيتهم من "تحويل المكتبة أكثر فأكثر نحو الشو الإعلامي" أكثر مما هي عليه الآن.

موقف حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، كان الأكثر وضوحاً في الطبقة السياسية، المعارضة لتعيين الفقي، حيث أعلن معتز الشناوي، أمين الإعلام المركزي بالحزب "أن تعيين الفقي يعد مخالفاً لكل القواعد المنطقية"، معتبراً الخطوة بأنها "بمثابة ردة لزمن ما قبل الثورة، لذا نرفضه ونطالب بمحاسبته على دوره في نظام المخلوع مبارك".

كما اعتبر الشناوي القرار معيباً لسمعة المكتبة ودورها، من خلال إسناد منصب المدير لشخصية "سكرتير المخلوع مبارك لشؤون المعلومات، ونائب مجلس الشعب (دائرة دمنهور) عن الحزب الوطني المنحل في الانتخابات التي أثبت القضاء المصري تزويرها لصالح الفقي عام 2005".

في حفل "تسلّم" المكتبة، الأحد الماضي، لم يفت مصطفى الفقي أن يؤكد أنه جاء لـ"البناء على النجاح الذي حققه الدكتور إسماعيل سراج الدين" في حين يخشى مراقبون من تواصل هذا "النجاح" الذي يواصل جعل المكتبة أقرب إلى واجهة سياسية منفصلة عن محيطها ومجتمعها.

المساهمون