برقية وداع

برقية وداع

04 مارس 2016
أمل قناوي / مصر
+ الخط -

ربما لأنه طيلة عامٍ كامل لم يتسنَّ لأحدنا انتظار الآخر داخل حيِّز مغلق. كل المقاهي التي ارتدناها اجتزنا بابها سوياً؛ لم نتواعد يوماً إلا في الشارع حيث الإطار مفقود، ولا شيء يُلجم كائن الانتظار، ويضبطه على هيئتي. كنتُ أتشتّتُ تماماً بين أطياف المارّة وعطور العابرات. أي علاقة تلك التي لم تختبر رقبتُها سكّينَ الانتظار؟

اللحظات السحرية لاستكناه المشاعر وإعداد المفاجآت. أرض الاحتمالات الشاسعة التي تضجّ بما لا نهاية له من الماقبليات. كل "ما قبل" متبوعة بالفعل والحركة ومسبوقة بالسكون المهيب الذي يهيئ الأشياء لصيرورتها، ويسمح لما انطمر في قاع ذاتك بالتفاعل مع زمن الانتظار. كيف يمكن أن تبدو لك هديةٌ دون غلاف؟!

هل تتذكّر هديتك الوحيدة؟ سلسلة فضيّة بحجر أزرق صغير يبدو من هيئتها أنها استُخدمت لفترة طويلة، لم تمنحني علاقتنا اللاهثة جسارة السؤال عمَن ملكتها قبلي لكنني تأكّدت في ما بعد أنها لم تكن تخصني.

في اليوم التالي لوداعنا، انكسر أحد العروق حول الحجر الأزرق، ومن يومها لم تكف العروق الفضية عن التفلّت من ثقَلِ الحجر، ولم أكفّ عن إصلاحها إلا بعدما زهدتُ في التجربة واتخذت مكاني اللائق منها كربّة أوليمبية تجيد التنظير وتفشل في رسم الخطط.

مثلك تماماً لم أستسغ النهاية؛ فقط كنت أحاول أن أنصت إلى ماء ذاتي وهو يندلق من إنائك.


اقرأ أيضاً: قُلنا يوماً

دلالات

المساهمون