إسماعيل ناشف: إعادة إنتاج طفولة

إسماعيل ناشف: إعادة إنتاج طفولة

02 ديسمبر 2016
(الناشف في معرضه)
+ الخط -

بين زوايا وأروقة معرضه، "أعقاب ذاكرة" الذي يقام في "متحف خليل السكاكيني" في رام الله، يحاول الكاتب والباحث الفلسطيني إسماعيل ناشف (1967) تعقّب ذاكرة الأجيال العربية والفلسطينية من خلال ما رسخ في تلك الذاكرة من صور ونصوص بعد "نكسة" يوليو/ حزيران 1967، عن الواقع الفلسطيني والعربي، في الأدب الموجّه للأطفال، محاولاً أن يعيد تركيب مشهد ثقافي لتلك الفترة بطريقة عصرية.

معرض ناشف الذي افتتح الإثنين الماضي ويستمرّ حتى 15 من شهر كانون الثاني/ يناير من العام المقبل، يؤكّد على أهمية صياغة الوعي الثقافي الفلسطيني، ويستند إلى أرشيف "دار الفتى العربي" التابعة إلى "منظّمة التحرير الفلسطينية" لما كان لها من أهمية في صياغة وعي الناشئة والأطفال.

يقول صاحب المعرض، والذي يعمل كذلك ضمن برنامج علم الاجتماع في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن عمله "كان نتاج دراسة حالة عن مدوّنة "دار الفتى العربي"، حيث أنجزتُ بحثاً مع "مؤسّسة تامر" عن تاريخ أدب الأطفال في العالم العربي ضمن مشروع استمر ثلاث سنوات، وكان جزء من هذا المشروع عبارة عن بحث أنتجت من خلاله كتاب "طفولة حزيران" إضافة إلى هذا المعرض".

صورٌ ونصوصٌ أسّست الطفولة الفلسطينية والعربية يستحضرها المعرض في محاولة لإعادة تركيب الماضي واختبار رسوخه في الحاضر، وإمكانية رسم صورة جديدة للمستقبل.

منذ البوابة، تصطفّ أمام الزائر قصص الطفولة العربية بعد "نكسة حزيران"، قبل أن يتفرّع المعرض إلى ثلاث محطّات، كل واحدة مخصّصة إلى فئة عمرية محدّدة.

تحاول الأولى أن ترسم صورة للماضي من خلال لوحات عن تلك القصص علّقت في جدران المعرض، لتستحضر ما في الذاكرة. وعلى طاولة وضعت أسفل تلك اللوحات، يستطيع الزائر إعادة ترتيب اللوحات من خلال مكعبات رُسم في كل عنصر منها جزء من تلك اللوحات والنصوص.

يسلّط الناشف في معرضه الضوء على أعمال تحاول من خلال الصورة أن تقدّم حكايات عما حدث في 1967، كأعمال عدلي رزق الله ومحي الدين اللباد، اللذين "خلقا صورة بصرية جميلة"، وفق ناشف. كما تعترضنا قصة "القنديل الصغير" لـ غسان كنفاني. القصة التي جعلتها "دار الفتى العربي" أنموذجاً عن تحويل المأساة الفلسطينية إلى حيّز أدب الأطفال، وما في ذلك من إرادة لتحويل تلك المأساة الفلسطينية إلى نصوص وصور يستسيغها الأطفال ويُقبلون عليها من دون الوقوع في مطبّات الابتذال ورفع شعارات.

كما تلفتنا، ونحن نغادر المعرض، قصة "البيت الفلسطيني" وهي عبارة عن لوحة فنية مكتوبة لمؤلّفها زكريا تامر ومن رسم اللبّاد، وهي عمل يُظهر كيف ترسخ الأحداث في ذاكرة طفولة ممزّقة، وقد عُلّق كل جزء من هذا العمل في مخرج المعرض، وكأنها آخر محاولة مع الزائر في دعوته لإعادة ترتيب الذاكرة/ القصة. لعل سؤالاً يتشكّل هنا "أين البيت الفلسطيني أو العربي اليوم؟" في ظل ما تشهده فلسطين والبلدان العربية من حالة تمزّق.

يُدرك إسماعيل ناشف، أن المعرض يواجه تحدّياً أساسياً في الوقت الذي يسعى فيه إلى التوازن ما بين الماضي والبناء على الحاضر، فحين جاءت مدوّنة "دار الفتى العربي" لخلق جيل يواجه تبعات "النكسة" والنهوض بالشعب الفلسطيني والعربي وما بنته من لغة بصرية، ما كان بعده من الرهان على النشر، فإن اليوم، يواجه المعرض تحدّياً بخلق فضاء معرفي يُعيد غرس المعرفة في الواقع الراهن في ظل التناقضات الفلسطينية والعربية، وفحص إمكانية النشر في ظل الحالة الاستعمارية التي لا تزال تعيد نفسها.

دلالات

المساهمون