أوهام الحماية

أوهام الحماية

03 سبتمبر 2015
منير فاطمي / المغرب
+ الخط -

تداول ليبيون نكتة، إبان حملات تعريب قادها القذافي، عن عجوز ينادي بأعلى الصوت خلال إحدى الفعاليات: "أعطوني المايكروفون"، فيصرخ عليه المنظمون غاضبين: "قل ناقل الصوت"، فجاء ردّه ساخراً وعميقاً: "اصنعوه بأيديكم وسمّوه (مبروكة)"!

لا أعلم ما النكات التي سيطلقها الأردنيون، بعد إنفاذ قانون لحماية اللغة العربية يسعى إلى استخدامها في التعليم والمعاملات الرسمية والإعلام والبحث العلمي وغيرها، ويفرض غرامات على المُخالفين.

لا مكان ومكانة للغة في العالم المعاصر من دون شعب يفكّر وينتج بها. بينما نحن، فلا زلنا أسرى "غيْب" يحفظ لغتنا رغم تدهورنا المتواصل، ولم نحدّد حتى اللحظة ماهية عجزنا اللغوي.

يجب إعادة النظر بافتراضات عدة خاطئة، إذ أضاعت معاداتنا للهجات الدارجة آلاف الأغاني وأدبا وخبرات لا يمكن توثيقها إلاّ بالمحكيات.

من جهة أخرى، لدينا طبقتان اجتماعيتان؛ واحدة تتحدث لغة أوروبية، وتتخرج من مدارس خاصة، وثانية لم تتلق تعليماً جيداً، وتظن أن مؤامرة تحاك ضد "عربيتها"، غير أن كليهما لا تمتلك اللغة حقيقةً، لأنهما عاجزتان عن الإنتاج المعرفي بكل اللغات؛ عربية و"إفرنجية".

النهوض باللغة وحمايتها يحتاج إلى استثمار عبر حكومات مستقلة اقتصادياً، تنشئ أجيالاً تمتلك منهجية علمية في التفكير، وحينها سنعيش داخل اللغة، بوصفنا منتجين ومتفاعلين، لا مستهلكين يمكنهم تصريف الحياة مكتفين بلغة الإشارة والجسد.

المساهمون