مهرجان طبرقة: ما تبقى لكم من الجاز

مهرجان طبرقة: ما تبقى لكم من الجاز

26 اغسطس 2015
(من مدينة طبرقة)
+ الخط -

تنطلق اليوم فعاليات "مهرجان الجاز الدولي" في مدينة طبرقة (شمال تونس). المهرجان السنوي، الذي أصبح يعرِف تذبذباً في البرمجة وفي موعد تنظيمه، فقد الكثير من بريقه ومن الصدى الإعلامي الذي كان يحظى به.

عموماً، يردّ المتابعون صعوبات "مهرجان الجاز" إلى السياق العام الذي تعيشه تونس بعد الثورة، خصوصاً وأنه تداخل في سنوات مجده بالأنشطة السياحية أكثر من الثقافية.

منذ 2013، عاد المهرجان إلى النشاط، بعد توقّف سنتين. لكن المشرفين عليه، ظلوا كل عام متردّدين بين تنظيمه وإلغائه، إضافة إلى أنه بقي أسير برمجة اللحظات الأخيرة.

ففي نسخة هذا العام، لم يعرف المتابعون برنامج الدورة إلا قبل يومين من انطلاقه، لنكتشف أسماء المشاركين: ماركوس مالون من أميركا، وسفيان سفطة ولينا بن علي من تونس، و"هاش كا" من فرنسا، إضافة إلى مجموعة "ذي أفروروكارز" الجزائرية-الفرنسية.

كل هذه الأسباب تبدو عادية ومؤقتة، إذ يعرف المهرجان صعوبات أعمق. فمدينة طبرقة تبدو منعزلة عن النشاط الثقافي لبُعدها الجغرافي عن بقية المدن التونسية (على الساحل الشرقي) التي تحتضن معظم الفعاليات، ما يشير إلى سوء توزيع النشاط الثقافي في تونس.

من جهة أخرى، كان لإغلاق مطار طبرقة، ثم عودته بطاقة محدودة، أثر سلبي للغاية على المهرجان. فقد كان يستفيد من رحلات خاصّة قادمة من العواصم الأوروبية لحضور تلك الأسماء البارزة التي صنعت صورة مهرجان الجاز مثل، باربارا هاندريكس وسيزاريا إيفورا ولوكي باترسون وماريام ماكيبا وليز ماكومب وغيرهم. أي أن المهرجان لم يكن رهين الموسم السياحي التونسي بالكامل كما هو الحال اليوم.

أما العائق الأكبر الذي يقف أمامه، فهو المسرح الذي يحتضن فعالياته، "مدرج البازيليك"، الذي طالما لم يتّسع لمن يرغبون في مشاهدة العروض، إذ لا تتجاوز قدرة استيعابه الألف مقعد.

يستفيد "مدرج البازيليك" من موقعه في قلب المدينة؛ ما يجعل المهرجان يندمج بسهولة في جو موسّع من الاحتفال، إلا أن هذه الخصال قد تم التفريط فيها في السنين الأخيرة، إذ عرف المدرج إهمالاً من السلطات والمواطنين، حتى أن المباني المجاورة له قد تجاوزته في العلوّ، ضمن فوضى عمرانية عرفتها الكثير من المدن التونسية هذه السنوات.

انطلقت دورات مهرجان الجاز في طبرقة سنة 1973، بمبادرة من مشتغلين في مجال السياحة، قبل أن تضع عليه الدولة يدها في التسعينيات بعد نجاحات لافتة، وبدأت في استغلاله ضمن ما أطلق عليه بـ "السياحة الثقافية".

جرى بعث مهرجانات موازية شبيهة له في المدينة نفسها، مثل مهرجانات "موسيقات العالم" و"الصالصا" و"الراي"، لكنها اندثرت جميعها، ولولا التراكم الزمني الذي حقّقه "مهرجان الجاز" والإصرار النوستالجي لأحبائه على أن يتواصل، لاندثر مثلهم.

المساهمون