وقفة مع: ميسون النهار

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. " يوجد الكثير ممّا أرغب في كتابته ونشره، لكنْ تُعيقني المهام الإدارية والتدريسية"، تقول الباحثة ميسون النهار في لقائها مع "العربي الجديد".

■ ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟

- للإجابة عن هذا السؤال، لا بدّ من التعريف بطبيعة عملي أستاذةَ علم الآثار في "الجامعة الأردنية"، متخصّصة في عصور ما قبل التاريخ (أيّ الفترة الواقعة ما بين مليونين و حتى 4500 ق. م)، وأعمل بشكل رئيسي في التنقيبات الأثرية ودراسة الأدوات الصوّانية.

قمت بعدد كبير من الحفريات الأثرية لمختلف العصور في مناطق بـ الأردن، تجاوزت أربعين حفرية أثرية، كنتُ فيها إما مشاركة أو مديرةً مشاركةً أو مديرةً للحفرية الأثرية، ومن أهم هذه الحفريات تنقيبات موقع تل أبو الصوان بالقرب من مدينة جرش (شمال العاصمة الأردنية)، حيث عُثر فيه على قرية زراعية تعود إلى حوالي عشرة آلاف عام، بالإضافة إلى إدارتي تنقيبات في منطقة عين غزال (شمال شرق عمّان) في العام الماضي، والتي تحتضن آثاراً تعود إلى الألف السابع قبل الميلاد، وخلال هذه الحفريات، أقوم بتدريب طلبة قسم الآثار على التنقيب في المواقع الأثرية.

أسعى الآن للحصول على منحة لمواصلة العمل على تحليل ودراسة اللقى الأثرية في تل أبو الصوّان، وأحضّر أيضاً المجلّد الخامس عشر (العدد الثالث) من "المجلة الأردنية للتاريخ والآثار" بوصفي رئيسة تحريرها. ولم أنقطع خلال عملي الأكاديمي والبحثي عن الرسم، حيث لديّ العديد من اللوحات الزيتية والأكريليك تتناول مواضيع متنوّعة.

■ ما هو آخر عمل صدر لكِ وما هو عملك القادم؟

- كتاب "روائع من فنون ما قبل التاريخ" الذي قمت بالعمل على تأليفه بالمشاركة مع أستاذَيْ الآثار زيدان كفافي وخالد أبو غنيمة، ويستعرض مرحلة تاريخية لا تحظى بدراسات عديدة في المكتبة العربية، حيث يغطّي الفترات التي سبقت اختراع الكتابة، واستطاع خلالها البشر أن يصنّعوا العديد من الأدوات من الحجر الذي تنتسب إليه العصور الأولى من تلك المرحلة، ووثّقوا أنشطة الصيد والعديد من الطقوس في نقوش على جدران الكهوف.

واحتوى الكتاب على ثلاثة عشر فصلاً أبتدأه بالتعريف بمعنى الفن وتعريفه، ثم مؤثّرات الفنون القديمة عبر العصور، ومنها فنون العصور الحجرية القديمة بمراحلها المتعدّدة، ثم فنون العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري وصولاً إلى الفخاري في مختلف البلدان العربية والأوروبية، مع التركيز على الآثار الفنية الخاصة بهذه الفترات في الأردن.

■ هل أنت راضية عن إنتاجك ولماذا؟

- ليس بعد، لأنه يوجد الكثير الكثير ممّا أرغب في كتابته ونشره، لكنْ تُعيقني المهام الإدارية والتدريسية.

■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟

- نفس المسار بالضبط. فأنا حاصلة على بكالوريوس تصميم داخلي، الذي درسته بناءً على رغبتي، ثم نلتُ درجتَيْ الماجستير والدكتوراه في علم الآثار، الذي توّجهت إليه باختياري الشخصي، وأستمتع جدّاً بعمل التنقيبات الأثرية وتحليل ودراسة نتائجها العلمية، كما أنني أستمتع بكلّ ما له علاقة بالفن.

أستمتع جدّاً بعملي في التنقيب الأثري ودراسة نتائجه العلمية

■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟

- ما أتمناه: أن يقوم كلّ شخص بإتقان وحبّ عمله بصدق، فإذا ما حدث هذا، فسينشغل البشر بما يعملون ويستمتعون به وتنتهي كثير من المشاكل التي يسبّبها الفراغ.

■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟

- الإنسان الذي عاش في فترات عصور ما قبل التاريخ، فهو النواة الأصلية لكلّ ما نحن عليه الآن.

■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟

- أستاذي في برنامج الدكتوراه؛ جفري كلارك، فما زلت أتواصل معه وأستشيره في كثير من القضايا العِلمية.

■ ماذا تقرأين الآن؟

- مؤلَّفاً ممتعاً ويصل إلى أعماق القارئ بعنوان: "الميثاق الخامس: دليل عملي للإتقان الذاتي (كتابُ حكمة تولتك)" من تأليف دون ميغيل رويز ودون خوسيه رويز وجانيت ميلز، وهو يناقش كيف يمكن لعملية تعليمنا، أو "التدجين" الذي نتعرّض إليه، أن يجعلنا ننسى الحكمة التي ولدنا بها.

■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- أسمع حسب المزاج الذي أنا فيه، وأحبّ الموسيقى جدّاً، بكلّ أنواعها، وكلّ نوع منها له مذاقه الخاص إذا تناسب مع الجو العام الذي أنت فيه.

بطاقة

حازت ميسون النهار درجة الدكتوراه في تخصّص العصور الحجرية القديمة من معهد الأنثروبولوجيا في "جامعة ولاية أريزونا" عام 2000. لها العديد من الدراسات، منها: "موقع تل أبو صوان من العصر الحجري الحديث في جرش. في علم الآثار وتاريخ جرش، 110 سنوات من الحفريات" (2018)، و"عين غزال ووادي شعيب: زخارف شخصية من العصر الحجري الحديث" (2014)، و"دراسة حجرية مطبعية كرونولوجية وتحليلية للعصر الحجري الحديث في الأردن" (2013)، و"تصنيف الشفرات الصوانية الدقيقة ودراسة التقنية في الفترة الانتقالية ما بعد العصر الحجري القديم الأعلى، الأردن" (2005).

وقفات

التحديثات الحية

هموم شعرية: مع مها العتوم