البادية الأردنية.. فنون ما قبل التاريخ

البادية الأردنية.. فنون ما قبل التاريخ

21 مارس 2019
"نقوش صفائية في منطقة الحرّة في البادية الأردنية"
+ الخط -
في منتصف القرن التاسع عشر، عُثر على أولى المكتشفات الأثرية في بادية الشام التي احتوت على نقوش كُتبت بأبجدية تتنتمي إلى اللغة العربية الشمالية القديمة في تلول الصفا جنوبي سورية، والتي حملت اسمها للدلالة على الكتابات التي تشير إلى تجمعات حضرية تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد.

تواصلت بعثتات التنقيب حيث اكتشفت نقوش صفائية في مواقع عديدة في شرق الأردن وشمال السعودية، وبدأ فك حروفها والتعرّف على محتواها الذي يعبّر عن مظاهر الطبيعة وشكل الصراع معها وطبيعة العمل والحياة الاجتماعية وطقوس الشعوب التي سكنت المنطقة وفنونها.

"دراسات في الفنون الصخرية من البادية الأردنية الشمالية الشرقية (الحرَّة)، من عصور ما قبل التاريخ وحتى القرن الثالث الميلادي" عنوان الكتاب الصادر حديثاً للباحث والأركيولوجي الأردني رافع حراحشة عن "دار ورد" في عمّان، والذي يحتوي فصولاً أقدم من تاريخ المكان.

أمضى المؤلّف بين عاميْ 2003 و2013، في العمل الميداني في إقليم الحرَّة، وتمكن من جمع مئات الصور لنقوش صفائية وعربية مبكرة ويونانية ونبطية، وفنون صخرية تُمثّل رسوماً آدمية، وحيوانية من فترة ما قبل التاريخ، ورسوماً من الفترات التاريخية، مثل رسوم الفروسية والغزو، والطرد والصيد، والصراع مع الحيوانات المفترسة، والموسيقى والرقص.

قام حراحشة بتصنيفها وتحليلها من حيث فترتها الزمنية وموضوعها وأسلوبها وأنماطها ومحتواها، وتأثير الظروف البيئية، والاقتصادية، والمعتقدات الدينية على الفنان، في إطار مقارن مع الفنون الصخرية في الجزيرة العربية وبلاد الشام، منطلقاً من فرضية أن الفنون الصخرية كانت جزءاً جوهرياً من حضارة مجتمع ما قبل التاريخ وما بعده، وأنه كان يلجأ إليها للتعبير عن حاجاته وأفكاره ومعتقداته.

احتوى الكتاب على مقدمة وخمسة فصول، يدرس الفصل الأول رسوم ما قبل التاريخ، حيث يعرّف بالمنطقة التي جمعت منها الرسوم، وهي وادي راجل ومدينة جاوا الأثرية ومحيطها الحضاري، يقرأ الفصل الثاني تنوَّع طرق صيد الأسود ووصفها في عشرين رسماً.

يكشف الفصل الثالث مشاهد الصيد والطرد والقنص في الرسوم الصخرية، والنقوش المرافقة لها، مبيناً المسوحات الأثرية في بادية بلاد الشام، والجزيرة العربية، عن عدد كبير من الرسوم الصخرية تعود إلى مختلف الفترات التاريخية، يعبّر بعضها عن نشاط ممارسة الصيد بأشكاله المختلفة.

يناقش الفصل الرابع مشاهد الفروسية والغزو والقتال، حيث احتوت النقوش رسوم الخيل، وزينها بالسرج ذي الأهداب، وأغطية الظهر والعجز، والرسن المزخرف، والقلائد في عنقها، ويتناول الفصل الخامس رسوم الموسيقى والرقص، حيث تمدُّنا الفنون الصخرية المؤرخة فيما بين القرن الثالث قبل الميلاد وبين القرن الثاني الميلادي بمشاهد عن أحد مظاهر الحياة الاجتماعية في المجتمع العربي القديم.

يُذكر أن رافع حراحشة حاز درجة الدكتوراه في اللغات السامية عام 2001. نشر بحوثاً عديدة في حقل النقوش والكتابات القديمة والآثار، وكتاباً بعنوان "نقوش صفائية من البادية الأردنية الشمالية الشرقية".

المساهمون