مولود معمري في أكثر من صورة

مولود معمري في أكثر من صورة

01 ابريل 2021
(تمثال لـ مولود معمري في مسقط رأسه)
+ الخط -

يرتبط اسمُ الباحث والروائي مولود معمري (1917 - 1989)، بأحداث "الربيع الأمازيغي" الدامية التي بدأت احتجاجاً على منع محاضرةٍ له حول "الأدب الشعبي القبائلي" في جامعة تيزي وزّو (التي تحمل اسمه اليوم)، عام 1980، قبل أن تتحوَّل إلى واحدةٍ من أكبر الحركات الاحتجاجية المطالبة بالاعتراف بالثقافة والهوية الأمازيغيّتَين في الجزائر؛ وهي المطالب التي لن يرى صاحب "الربوة المنسية" أيّاً منها يتحقّق؛ إذ رحل في حادث مرورٍ بينما كان عائداً من المغرب، بعد تسع سنواتٍ فقط من تلك الأحداث التي لن تكون الأخيرة.

وقيامُ الاحتجاجات وتطوُّرها بذلك الشكل لم يكُن ليحدث ربما لو أنّ المنع طاول كاتباً آخر؛ فلمولود معمري رمزيته ومكانته الخاصّة في الثقافة الأمازيغية، وهو الذي كرّس حياته في تدوين تراثها الشفاهي والبحث في لسانيّات لغتها وإرساء قواعدها، فضلاً عن أبحاثه الأنثروبولوجية في هذا المجال، وقد أسّس من أجل ذلك "مركز الدراسات الأمازيغية" في باريس وأطلق أوّل مجلّة بالأمازيغية باسم "أوال" (الكلم) عام 1982.

كرّس حياته لتدوين تراث الأمازيغية وإرساء قواعد لُغتها

في السنوات الأخيرة، باتَت المؤسّسة الرسمية كثيرة الاحتفاء بمعمري وإنتاجه البحثي والأدبي؛ حتى أنّها أقامت في 2017 احتفالاً خاصاً بمئوية ميلاده استمرّ طيلة سنة كاملة، أُقيم خلالها ملتقىً دوليّ حول أعماله، وأُطلق طابع بريدي يحمل صورته، وصدر عددٌ من كتبه مترجماً إلى الأمازيغية (كتبَ بالفرنسية)، حتى أنَّ السلطةَ اعترفت متأخّرةً على لسان الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، قبل بضع سنوات، بأنَّ منع المحاضرة كان "خطأً سياسياً". جاء الاعتراف بينما كانت السلطةُ نفسها تمنع العشرات من المحاضرات الخاصّة بالأمازيغية في غير ما مدينة جزائرية.

إلى جانب أعماله البحثية، كتب مولود معمري الشعر والرواية والقصّة. صدر ديوانه الأول عام 1982 بعنوان "أشعار القبيلة"، وقبل ذلك صدرت له عدّة روايات منذ الخمسينيات؛ من بينها: "الربوة المنسية" (1952)، و"غفوة العادل" (1955)، و"الأفيون والعصا" (1965)، و"العبور" (1982)، إلى جانب مجموعة قصصية بعنوان "موظّفة البنك" (1973).

الصورة
كتاب مولود معمري - القسم الثقافي
(غلاف الكتاب)

في الكتاب الذي صدر حديثاً عن "دار فرانز فانون" بعنوان "مولود معمري: مثقّف سعيد وروائي محبَط"، ينطلق أربعة أكاديميّين جزائريّين من مواقف معمري وأعماله الأدبية والفكرية للتساؤل عن مكانة المثقّف في المجتمع الجزائري؛ حيث تُقدّم الأكاديمية والباحثة جمعة معزوزي قراءةً في رواية "الأفيون والعصا"؛ مُركّزةً على فضائها المكاني ممثَّلاً في القرية، والزماني ممثَّلاً في فترة حرب التحرير، وشخصياتها التي تتيح تعدُّداً في الأصوات داخل المتن الروائي، بينما ترصُد الأكاديمية مليكة عصام انتقال صورة معمري من "الباحث" إلى "المناضل" في سبيل الهوية الأمازيغية، ذاكرةً كمثالٍ على ذلك حضور اسمه بشكل دائمٍ لدى شعراء ومطربي الأغنية الأمازيغية والجمعيات الثقافية الأمازيغية.

وتُقدّم مليكة فاطة بوخلو، التي سبق أن أصدرت كتاباً حول الروائي والباحث الجزائري عام 2017 بعنوان "مولود معمري: ذاكرة وثقافة وتاموسني"، قراءةً في رواية "العبور" التي قالت إنّها بمثابة تتمّة لـ"الربوة المنسية" التي صدرت قبلها بثلاثين عاماً، في حين يُشير محمد يفصح إلى الانتقادات التي وُجّهت إلى معمري بسبب روايته "الربوة المنسية"، خصوصاً بعد فوزها بجائزة في فرنسا؛ حيث "بات يُنظَر إليه في الجزائر بحذر".

وإلى جانب المقالات الأربع، يتضمّن الكتاب حواراً مع المخرج أحمد راشدي، الذي حوّل رواية "الأفيون والعصا" إلى فيلم سينمائي صدر عام 1971.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون