مروان رشماوي.. حياة افتراضية لأبنية مهجورة

مروان رشماوي.. حياة افتراضية لأبنية مهجورة

29 ابريل 2021
(من المعرض)
+ الخط -

يستحضر مروان رشماوي في أعماله الإنشائية عن أثر الإنسان في مدينته بيروت التي لم فقد عوالمه فيها، واختفت بفعل ما عاشته من حروب فرضت تغيرات عمرانية في المكان، فكان الحنين إلى تلك العوالم هو مساحته الأساسية التي يتحرّك من خلالها.

يستخدم الفنان الفلسطيني اللبناني (1964) مواد صناعية مثل الخرسانة والمعادن والمطاط والقطران والنسيج والزجاج، مستعيناً بدراسته المنهجية لرسم الخرائط والتركيبة السكانية والتوسع الحضري الذي عاشته المدينة، مضيئاً طبقات اجتماعية وسياسية وثقافية متراكبة، في محاولة لفهم التناقضات التي قد تكوّن جميع المدن العربية.

"واستمرت الأشجار بالتصويت للفأس" عنوان معرضه الذي افتتح في "غاليري صفير زملر" بالعاصمة اللبنانية منتصف الشهر الجاري، ويتواصل حتى الثاني عشر من آب/ أغسطس المقبل، وهو أول معرض يقيمه الغاليري بعد نحو تسعة أشهر من الإغلاق بعد تعرّضه لأضرار كبيرة بسبب انفجار مرفأ بيروت العام الماضي.

في عام 2018، نفذ رشماوي أوّل عمل ضمن المنحوتات الإسمنتيّة التي تحتفي بأعمال المعماري البرازيلي أوسكار نيماير (1907 – 2012)، الذي وضع في ستينيات القرن الماضي تصميماً لمعرضٍ دولي في مدينة طرابلس اللبنانية يتعرض اليوم لخطر الزوال والاندثار، حيث يتمثّل في واحدة من هذه المنحوتات مبنىً لمسرح تجريبي، ويعيد إنتاج قبته الخرسانية باستخدام مادة الراتيتج الصمغيّة، في محاولة لشدّ الانتباه إلى الفساد والسياسات البيروقراطية التي تبقي كثيراً من الأماكن العامة مغلقة في وجه الزوّار.

الصورة
(من المعرض)
(من المعرض)

يشير بيان المنظّمين إلى أنّ الفنان "بدأ العمل على أنقاض مساحة غاليري صفير زملر، مصمماً على الحفاظ على اللحظات الزائلة والمتلاشية من خلال دمجها مع مواد صلبة، وكانت النتيجة أعمالاً تتأمل في النظام السياسي الفاسد، والمتحلّل، وفي يأس آلاف اللبنانيين المربكين الهائمين في شوارع المدينة"، موضحاً أن "هذه المجموعة الجديدة من الأعمال، مع مجموعة الأعمدة التي بدأها رشماوي عام 2014. وبينما تشير الأعمال بوضوح إلى الأسس البالية والرميمة، أو إلى البُنى المتحللة والمهجورة، يعمد الفنان إلى التخفيف من خشونة العمل عبر إضفاء لمسة من الفكاهة أو الشاعرية غير المتوقعة".

في منحوتة بيروت والبحر (2017 – 2018)، يقدّم خريطة الخط الساحلي للعاصمة بيروت في إحدى وثلاثين قطعة يتأمل من خلالها النسيج الحضري القاسي لمدينة بيروت، ويجسده بالإسمنت الصلب، في مواجهة انسيابية البحر الذي ينفذه من الصمغ.

ويضمّ المعرض أيضاً تجهيزاً مصغراً بعنوان "التعاونية"، بما يحاكي مبنىً مهجوراً كان يفترض أن يكون بديلاً لسوق الروشة البحري (1976 – 1982)، وهو ينتمي إلى سلسلة تجهيزات يعمل عليها الفنان منذ أكثر من عقد، إلى جانب "نجود"، وهي مجموعة أعمال حديثة نشأت من اهتمام رشماوي بشبكات المدينة، حيث تقترح هذه القطع الجداريّة قراءة مجردة للمناظر الجوية المنقطة للشوارع والمباني، التي شكّلها من طريق تجارب أجراها باستخدام الإسمنت والجص وشمع النحل والصبغات الملونة.

 

المساهمون