مجيد طوبيا.. رحيل صاحب "تغريبة بني حتحوت"
ينتمي الروائيُّ المصري مجيد طوبيا (1938 - 2022)، الذي غادر عالمنا اليوم، إلى جيلٍ من الكتّاب المصريّين الذين حاولوا، بعد نكسة 1967، التأسيس لسرديّاتهم الخاصّة، بعيداً عن واقعية أسلوب يوسف إدريس الذي هيمن على الكتابة السردية المصرية لحين من الزمن. كانت مجموعته القصصية الأُولى، "فوستوك يصل إلى القمر" (1967)، إعلاناً عن ميلاد كاتبٍ شابّ يبحث عن طريق مختلف وجماليات خاصّة به، ويقترح سردياتٍ بديلة عن السرديات الكُبرى.
سيتجلّى أُسلوبه الخاص، الذي يمزج فيه بين السخرية السوداء والواقعية والفانتازيا، في أعماله القصصية والروائية التي سيُصدرها لاحقاً. وقد عمد، في بعضٍ منها، إلى محاورة التراث السردي العربي، شأنه في ذلك شأن كثيرٍ من كتّاب جيل الستّينيات. روايتُه الأُولى، "دوائر عدم الإمكان" (1972)، كانت مثالاً واضحاً على ذلك؛ إذ استحضر فيها نصوصاً من التراث الشعبي ضمن عملٍ يطرحُ أسئلةً راهنة، وهو ما ينطبق أيضاً على روايته "حنان" (1981).
غير أنَّ عمله الأبرزَ في هذا الاتّجاه كانت رباعيّته الروائية الشهيرة "تغريبة بني حتحوت"، التي صدر جزءؤها الأوّل (إلى بلاد الشمال) عام 1987 وجزءاها الثالث والرابع (إلى بلاد البحريّات، وإلى بلاد سعد) عام 2005، وقبلهما جزءٌ ثانٍ (إلى بلاد الجنوب) عام 1992. في هذا العمل الملحمي، استلهم طوبيا السيرة الشعبيةَ العربية بعناصرها الفنّية، لينسج على منوال "تغريبة بني هلال" رحلةً طويلةً ومليئة بالأهوال يخوضها بنو حتحوت من مصر إلى السودان بين نهاية القرن الثامن عشر والتاسع عشر.
وُلد طوبيا في الخامس والعشرين من آذار/ مارس 1938 في المنيا، وحصل على إجازة في الرياضة والتربية من "كلّية المعلّمين" بالقاهرة عام 1960، ودبلوم من "معهد السيناريو" عام 1970، ودبلوم الدراسات العليا في الإخراج السينمائي من "معهد السينما" بالقاهرة عام 1972.
ومن مؤلّفاته الأُخرى في الرواية: "أبناء الصمت" (1974)، و"الهؤلاء" (1976)، و"غرفة المصادفة الأرضية" (1978)، و"عذراء الغروب" (1986). وفي القصّة القصيرة: "خمس جرائد لم تُقرأ" (1970)، و"الأيام التالية" (1972)، و"الوليف" (1978)، و"الحادثة التي جرت" (1987)، و"غرائب الملوك ودسائس البنوك" (1998)، و"23 قصّة قصيرة" (2001). كما كتب سيناريوهات ثلاثة أفلام للسينما؛ هي: "أبناء الصمت" (إخراج محمد راضي)، و"حكاية من بلدنا" (إخراج حلمي حليم)، و"قفص الحريم" (إخراج حسين كمال).
