عزيزي هنري ديلوي

عزيزي هنري ديلوي

31 يوليو 2021
هنري ديلوي
+ الخط -

عزيزي هنري، يقال إنك الآن في الأمجاد السماوية، لكن بودي أن أُخاطبك كمقيم دائمٍ في الأمجاد الأرضية. "أيموتُ الذي كان يحيا كأنّ الحياة أَبَدْ؟".

أمس حلمتُ بأنني مع مجموعةٍ قُتلت ولم تفهم معنى أنها قُتلت. جرى حصارُنا وفجأة وجدنا أنفسنا في عالم موازٍ لا يلاحِظُ سُكّانُه وجودَنا. نراهم ونسمعهم ولا يروننا ولا يسمعون أصواتنا. كنّا أرواحاً لا تسلّم بالموت. حين حاولنا استثارة انتباههم، لاحظت سيدةٌ منهم أننا لم نسلّم بموتنا بعد. كنّا أرواحاً متشبثة بالأرض، ويبدو أنها لم تكن المرّة الأولى التي تلاحظ تلك السيدة أرواحاً تتشبّث. 

استيقظتُ من الحلم لأشتغل أربع ساعات قبل أن أكتب لك هذه الرسالة. هي في الحقيقة رسالة شكر. ربما لم تعرف كم كان لقائي بك فارقاً في حياتي الشخصية والثقافية. فما الإنسان إلا مجموعة لقاءات. جسَّدتَ لي الثقافةَ الفرنسية المتحررة من إرثها الاستعماري، بعفوية وطفولية مُحبّبة. أثّر بي كرمُك. كنتَ مِثلَ جَدٍّ أطلقَ سراح أحفاده، دون أن يتخلّى عن مسابقتهم في المغامرة الشعرية. جَدٌّ هو طفل أيضاً.

أثّر بي بلا حد تضامنك مع مقاومتنا. قرأتُ مرةً لك لقاء صحافياً تقول فيه ما معناه إنها شرعية مثلها مثلَ المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي. هذا أمرٌ ليس بقليل. لم تكن تحتاج شروحاً مطوّلة كالآخرين لتصل إلى الحقيقة العارية. 
محبّتي لك كلّها. أتطلع إلى لقائك قريباً.

موقف
التحديثات الحية

المساهمون