عبد الرحمن خليفة.. استعادة الحمّاديين

عبد الرحمن خليفة.. استعادة الحمّاديين

03 يونيو 2021
(قلعة بني حمّاد)
+ الخط -

رغم استفادتها من عدّة عمليات ترميم منذ تصنيفها مِن قبل "اليونسكو" عام 1980 ضمن المواقع الأثرية التي ينبغي أن تحظى بالعناية اللازمة، إلّا أنَّ قلعة بني حمّاد في المعاضيد شمال شرقَي مدينة المسيلة الجزائرية لا تزالُ عرضةً للإهمال إلى اليوم، وهو ما يجعلها مهدّدةً بالانهيار.

يعود تاريخ بناء القلعة إلى عام 1008 ميلادي، حين اختار حماد بن بولوغين بن زيري، مؤسِّس الدولة الحمّادية، المكان عاصمةً لدولته التي ستتوسّع في غضون سنواتٍ قليلة لتبلغ إلى فاس غرباً والقيروان شرقاً والصحراء جنوباً. وقد استغرق تشييدُها قرابة ثلاثين عاماً.

وتتميّز القلعة، التي تمتدّ على مساحة خمسين كيلومتراً مربّعاً، بهندستها الإسلامية التي تحاكي العمارة الأندلسية، وهي محاطةٌ بسور حجري وتضمُّ مجموعةً من القصور والمعالم الأثرية؛ من بينها مسجد "قصر المنار" الذي يُعدّ أصغر مسجدٍ في العالم.

في كتابه "قلعة بني حماد: ملكة الحضنة والأوراس والزيبان"، الصادر حديثاً عن "الوكالة الوطنية للنشر والإشهار"، يتناول الآثاري والمؤرّخ الجزائري عبد الرحمن بن خليفة تاريخ القلعة، متوقّفاً عند أبرز المراحل التاريخية التي مرّت بها، منذ تأسيسها، ووصولاً إلى الفترة العثمانية، ثمّ فترة الاستعمار الفرنسي.

يتطرَّقُ العمل إلى جوانب مختلفة من القلعة؛ مثل الديانات والمعتقدات والحرف في المنطقة، والمسارات التجارية التي شهدتها منذ القرن الحادي عشر الميلادي، محاولاً إعادة رسم الحياة اليومية فيها، بالاعتماد على الحفريات واللقى الأثرية التي عُثر عليها فيها؛ مثل الأدوات والعملات النقدية.

الصورة
قلعة بني حماد - القسم الثقافي

كما يُفرِد الكتابُ مساحةً لعددٍ من المدُن التي ازدهرت في منطقة المغرب الأوسط؛ مثل آشير، وميلاف (ميلة حالياً)، وطاغاست (سوق أهراس)، وكويكول (جميلة)، ومسيلة، وخنشلة، ونقاوس، ومقرة، وتبنة.

وبدأت أولى الحفريات في المنطقة عام 1887، خلال الفترة الاستعمارية، على يد الآثاري الفرنسي بول بلانشي، ثمّ استمرّت في الأعوام اللاحقة. غير أنَّه جرى نقل الكثير ممّا جرى العثور عليه في الموقع إلى "متحف باردو" في فرنسا. وفي هذا السياق، يعتبر بن خليفة أنَّ الموقع لم يكشف بعدُ عن كلّ خباياه المعمارية والتاريخية، بل ينتظر المزيد من العمل من أجل فهم أفضل لتاريخ المغرب الأوسط.

حاز عبد الرحمن خليفة شهادة الدكتوراه في التاريخ وعلم الآثار، وقام بالعديد من الحفريات في مواقع أثرية جزائرية، إلى جانب عمله الأكاديمي. ومن مؤلّفاته الأُخرى: "هنين: ميناء تلمسان القديم"، و"الجزائر المحروسة"، و"بجاية عاصمة الأنوار".

المساهمون