عارف العارف.. خمسون عاماً على رحيل مؤرّخ النكبة

عارف العارف.. خمسون عاماً على رحيل مؤرّخ النكبة

19 نوفمبر 2023
عارف العارف (1891 - 1973)
+ الخط -

في مطلع عام 1956، دفع عارف العارف (تحلّ، هذا العام، ذكرى خمسين سنة على رحيله) الجزء الأول من كتابه "النكبة: نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود" للنشر، ليُصدر تباعاً كامل فصوله الستّة عام 1961، في مؤلّف لا يزال من أبرز المراجع العربية في توثيقه للحدث، ودقّته في تناول التفاصيل، ونقله لروايات عن شخصيات عامة وسياسيّين فلسطينيّين وعرب.

المؤرّخ والسياسي الفلسطيني (1891 - 1973) الذي تولّى مناصب عديدة، منها: رئاسة بلدية القدس، ووزيراً في الحكومة الأردنية، قرّر التفرّغ منذ منتصف الخمسينيات للبحث والتأليف حيث وضع العديد من الكتب حول تاريخ القدس وبئر السبع وعسقلان وغزّة، مستفيداً من ثقافته الواسعة، وإتقانه التركية والإنكليزية والروسية وغيرها، كما أنّ اشتغاله بالعمل العام فترة طويلة أكسبه خبرة في السياسة والإدارة وشؤونها.

يقف العارف في كتابه عند اجتماع مجلس "الجامعة العربية" (كانت تضمّ سبع دول) في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 1947؛ في عاليه بلبنان، حين قُرّر أن تبقى الجيوش العربية مُرابطة على حدود فلسطين فلا تدخلها إلا إذا تلقّى اليهود مُساعدة أجنبية وتعرّض عرب فلسطين للخطر، غير أن تلك الخطّة التي رسمها الخبراء العسكريون العرب، وأقرّها المجلس، سرعان ما استُبدلت بما يناقضها، وكان لبريطانيا دورٌ في هذا الاستبدال.

وضع مؤلّفات حول تاريخ القدس وبئر السبع وعسقلان وغزّة، مستفيداً من ثقافته الواسعة، وإتقانه لغات عدّة

ويتناول أيضاً أحداثاً تشابه في كثير منها ما يقع اليوم، إذ يشير إلى أن بريطانيا اعترضت على تسلّح الفلسطينيين وتدريبهم واعتبرت ذلك "عملاً غير ودّي" ضدّ السلطة المُنتدَبة التي لم تنسحب من البلاد بعد، مُضيفاً "وراح العُقلاء من بني يعرب يقولون: كان على الدول العربية أن لا تكتفي بالوقوف على الحدود، بل أن تأمر جيوشها بعبور تلك الحدود، واحتلال أكبر جزء ممكن من البلاد".

ويصوّر العارف كيف أنه لم يُدعَ أحد من رجالات فلسطين إلى الاجتماع، ومنهم مُفتي القدس أمين الحسيني الذي باغتهم بدخول قاعة الاجتماع، وحاول إقناع المؤتمِرين بالموافقة على تأليف حكومة عربية في فلسطين، إلّا أنّ مندوبي العراق والأردن عارضا تنفيذ هذا الاقتراح الذي من شأنه - كما قالا - أن يستفزّ الرأي العام العالمي في هيئة الأمم، كما أوضح أنه بالرغم من المساعي التي بُذلت لتحسين العلاقات بين الدول العربية إلا أن "الجو لم يتحسّن، وظلّت الريبة تفعل فعلها بين الملوك والرؤساء".

يُضيء الكتاب وقائع تلك الفترة، بدءاً من الظروف التي قادت إلى اتّخاذ قرار تقسيم فلسطين، في التاسع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، إلى اليوم الذي انتهى فيه الاستعمار البريطاني وانسحب جيشُه من فلسطين، مروراً بدخول الجيوش العربية في 15 أيار/ مايو 1948، وأول يوم بدأت فيه الهدنة بينها وبين "إسرائيل"، في الحادي عشر من حزيران/ يونيو من العام نفسه، ثم أخبار المعارك التي جرت بعد الهُدنة الأُولى واستئناف القتال في التاسع من تموز/ يوليو، ومنها معارك النقب الأخيرة، ومؤتمر أريحا، وصولاً إلى اتفاقيات الهدنة الدائمة بين الدول العربية و"إسرائيل"، شباط/ فبراير وتموز/ يوليو 1949، ويختم بفصل سادس يضمُّ ملاحق وسجلّ الشهداء الذين ارتقوا دفاعاً عن فلسطين.

ترك عارف العارف العديد من المؤلّفات، منها: "القضاء بين البدو" (1933)، و"تاريخ بير السبع وقبائلها" (1934)، و"تاريخ غزة" (1943)، و"رؤياي" (1943)، و"الموجز في تاريخ عسقلان" (1943)، و"تاريخ الحرم القدسي" (1947)، و"تاريخ القدس" (1951)، و"تاريخ قبّة الصخرة المشرّفة والمسجد الأقصى المبارك ولمحة عن تاريخ القدس" (1955)، و"المفصّل في تاريخ القدس" (1961)، و"النكبة في صور: نكبة العرب في فلسطين" (1961)، و"أوراق عارف العارف" (12 مجلّداً/ 1973).
 

المساهمون