عادل نعمان.. "يرما" في نسخة مغربية
في شباط/ فبراير الماضي، بدأ عرض مسرحية "الغوشة" للمخرج المغربي عادل نعمان، التي تروي قصّة امرأة تواجه ضغوطاً كبيرة من عائلة زوجها بسبب عدم قدرتها على الإنجاب، وسط مجتمع يمارَس عليه القمع والاستبداد من قًبل الباشا.
النص المقنبس عن مسرحية "يرما" التي نشرها الشاعر الإسباني فيديريكو غارثيا لوركا عام 1934، ينحاز إلى المراة بوصفها ضحية دائمة لمنظومة اجتماعية تتّهمها بالعقم، وتتعامى في الوقت نفسه عن عجزها واضطراباتها المزمنة.
يُعاد عرض العمل الذي أنتجته "فرقة البساط" عند السادسة من مساء الأربعاء المقبل في المركز الثقافي يمدينة بنسليمان (50 كلم جنوب شرق الرباط)، ويشارك في التمثيل كلّ من: رباب بوشامة، وأيوب المنديلي، ومروان البرايكي، وكوثر شهوان، وبدر أوسعدن، ورضا أمزال، وزهير الخيراني، ورضا مساعد.
المسرحية التي قام بإعدادها للخشبة الكاتب أحمد كارس، تمتدّ فصولها الثلاثة على مدار خمس وأربعين دقيقة، في تركيز على الانفعالات والصراع الداخلي الذي تعيشه الشخصيات، وفي محاولة لتكييفها على الواقع المغربي والعربي عموماً.
"الغوشة" أتت نتاج ورشة لمجموعة من الشباب الهواة، في اختيار متقصّد لنص مسرحي يمكن أن يصل إلى جميع شرائح الجمهور لوضوح حبكته، وقدرته على تفكيك تناقضات السلطة بمستوياتها المتعدّدة، ضمن رؤية نقدية لجميع العلاقات المشوّهة التي تحكم البنى الاجتماعية والسياسية والثقافية.
واختار نعمان أن يربط السرد بمجموعة من الأغاني الشعبية ذات الصلة بموضوع العرض، ويتخذ الديكور شكل خزانة كتب، يختار يمنها الممثلّون كتاباً يروي محطّاتٍ وأحداثاً في تاريخ المغرب عن بطولات في مواجهة الظلم والاستعمار، لتبدأ المقارنات بين الماضي والحاضر؛ بين زمن وُلد فيه أبطالٌ وزمن آخر يستذكر أمجادهم ولا يتمكّن من تكرار نماذجهم.
وتتوالي المشاهد كلّما تمّ تقليب صفحة من تلك الكتب، في تناغم بين جماليات السينوغرافيا ووظائفها، لجعل القصّة جزءاً من سياق تاريخي وليست مجرّدة عنه، مع إسقاطات على اللحظة الراهنة، حيث الساسة والمثقفون ورجال الفن اليوم هم مَن يتبنون ازدواجية في خطابهم تجاه الناس.
يفترق العمل عن نسخته الأصلية حين يختار للمرأة الإنجاب بدلاً أن يموت الجنين في بطنها، رغم التراجيديا التي تحكم مناخاته ومسار أحداثه. نهاية لا تتخلّى عن الأمل في واقع مرير ومحبِط.
