ترميم الآثار الجزائرية.. يدٌ إيطالية

ترميم الآثار الجزائرية.. يدٌ إيطالية

09 نوفمبر 2021
"قصر ريّاس البحر" في الجزائر العاصمة
+ الخط -

كثيراً ما استعانت السُّلطات الجزائرية بمؤسّسات أجنبية لترميم المعالم الأثرية؛ مثلما حدث مع "مسجد كتشاوة" في الجزائر العاصمة، والذي يعود تاريخ إنشائه إلى بدايات الفترة العثمانية (حوالي القرن السادس عشر ميلادي)؛ فقد أُغلق المسجد التاريخيُّ عقب زلزال ضرب المدينة عام 2007، قبل أنْ يُفتتح مجدّداً في 2017، بعد أن عُهد بترميمه إلى "وكالة التعاوُن والتنسيق" التركية التي باشرت أعمال الترميم في 2013.

وفي 2018، أبرمت ولاية الجزائر عقداً مع إقليم إيل دو فرانس الفرنسي لترميم حيّ القصبة الأثري، كما أوكَلت مهمّةَ تنسيق أشغال إعادة تهيئة خليج الجزائر (الممتدّ من "الجامع الأكبر" إلى "القصبة السفلى" حيث يقع "مسجد كتشاوة") إلى المعماري الفرنسي جان نوفال الذي عيّنته مستشاراً لديها، وهو ما أثار استياءً واسعاً من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين استدعوا الحساسية التاريخية بين البلدَين، وانتقدوا هيمنة الفرنسيّين على مشاريع ترميم الممتلكات الثقافية الجزائرية، خصوصاً أنَّ الصفقة تكلّف قرابة 260 مليون دينار جزائري، بينما رُفض عرض من الأتراك الذين تكفّلوا بترميم "مسجد كتشاوة" على حسابهم.

ومؤخّراً، كان لافتاً حضور ملفّ الممتلكات الثقافية في الزيارة التي قام بها الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا إلى الجزائر؛ حيث كان موقع "هيبون" الأثري وكنيسة القدّيس أوغسطين (بُنيت عام 1880) في مدينة عنّابة، شرق الجزائر، من بين محطّات زيارته التي استمرّت يومَي السبت والأحد الماضيَين، وشملت أيضاً "قصر ريّاس البحر" في الجزائر العاصمة.

وفي مسرح السفارة الإيطالية بالجزائر، نُظّم أمس الإثنين لقاءٌ تناول "فرص التعاون الجزائري الإيطالي في مجال حماية وترميم الممتلكات الثقافية"، بمشاركة مختصّين في هذا المجال من البلدَين، وفق ما أوردت "وكالة الأنباء الجزائرية" التي أشارت إلى أنَّ اللقاء يندرج ضمن اتفاقية تعاوُن علمي بين "المعهد المركزي للترميم" في روما و"المدرسة الوطنية العليا لحفظ وترميم الممتلكات الثقافية" في الجزائر.

وتنصُّ الاتفاقية، التي تستمرُّ ثلاث سنوات، على تبادل المعلومات، وتنظيم تبادُلات بين الطلبة والأساتذة الباحثين، والتنسيق في مشاريع البحث والمخابر الخاصّة بالحفاظ وترميم الممتلكات الثقافية.

ليس هذا التعاوُن الأوّل من نوعه بين البلدين؛ إذ سبق للإيطاليّين أن أشرفوا عام 1987 على ترميم "قصر ريّاس البحر" (حصن 23) في الجزائر العاصمة، والذي يعود تاريخ بنائه إلى الفترة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، والذي صنّفته "يونسكو" عام 1992 تراثاً عالمياً ضمن حيّ القصبة التاريخي.

قد تبدو الاستعانةُ بالخبرات الأجنبية في مجال ترميم الآثار وحمايتها ضروريةً، بالنظر إلى افتقاد الخبرة الواضح الذي كثيراً ما تسبّب في إهمال معالم ومواقع أثرية على امتداد البلاد، لكنّها تطرح، من جهة أُخرى، أسئلةً حول استمراريتها بشكل دائم من دون أنْ تنتقل الخبرة الأجنبية إلى الطرف الجزائري.

المساهمون