"بينالي الملصق المتجوّل": أعمال رقمية تهجو الحرب

"بينالي الملصق المتجوّل": أعمال رقمية تهجو الحرب

11 يناير 2023
جانب من البينالي
+ الخط -

وسط ما يشهده العالم من تأثّرٍ كبيرٍ بالاجتياح الروسي لأوكرانيا، ومآلاته المجهولة التي تُهدِّد السِّلم الدولي، وما يُقابله من صراعات دوليّة من أجل الهيمنة العسكرية والاقتصادية، وتواصل الأحداث الاستعمارية في العالم وفي منطقتنا؛ يحاول الفنّ أن يفرض صوته هو الآخر، لكن ليس عبر تهديد حياة الفرد أو تعريضها للخطر، بل عبر دعوته إلى نبذ العنف والتَّطرف وتشويه صورة الحرب والكشف عن آثارها السيّئة على الإنسان.

من هذا المنطلق، اختُتِمَت مساءَ أمس الثلاثاء (10 كانون الثاني/ يناير)، النسخة الأولى من "بينالي قسم التصميم الدولي المتجوّل للبوستر"؛ الذي احتضنته أروقة كُلّية الفنون الجميلة في "جامعة بغداد"، واستمرَّ لثلاثةِ أيامٍ بمشاركة محلية ودولية، إذ بلغت الأعمال المعروضة في أروقة الكلّية مئة وثلاثين مُلصقاً (استعمل المنظّمون الكلمة الإنكليزية "بوستر" في حين أن كلمة ملصق أكثر تعبيرًا)، توزَّعت على ثلاثة وثمانين مُصمِّمًا من إيطاليا، واليابان، وماليزيا، والمكسيك، وباكستان، وإيران، وبولندا، ورومانيا، وروسيا، وكوريا الجنوبية، وإسبانيا، وتركيا، والولايات المتحدة، وفنزويلا، والصين، إلى جانب خمسة وعشرين مُصمِّمًا من العراق، في ما لم يزد عدد المُشاركات العربيّة عن اثنتين من مصر.

مئة وثلاثون ملصقًا تعبّر عن رفض التطرّف والكراهية

عكَس البينالي رؤيةً رافضةً للكراهية والتطرّف والحروب بكلِّ أشكالها، إذ قدَّم كلّ مشاركٍ فكرته عبر ملصق أو أكثر، بأسلوبٍ بصريٍّ يحاكي قضايا العالم المختلفة، أو ما يواجهه المُشاركون في حياتهم ومُجتمعاتهم. وتتميَّز هذه الملصقات بكونها أعمالًا رقميةً تجمعُ بين الاحترافية والبساطة اليومية؛ والمقاربة بين مُسبِّبات العُنف والحروب من أفكارٍ وأدواتٍ وبين ما يُساهم في التخلّص منها، وهو ما يعدّه المشاركون خطابًا فنيًّا صريحًا موجّهًا إلى العالم كلّه ولكن بلُغة واحدة، هي لغة التصميم التي تحاكي العامّة بأفكارها العميقة وبساطتها المفهومة.

الصورة
عمل للإيراني - ياسر غدير
عمل للإيراني ياسر غدير

مثال ذلك ما جسَّده المُصمِّم العراقي حسين هادي في عمله، إذ يختزل فيه مكان السلاح في حاوية القُمامة، لتمثِّل اليد التي تُلقي به رمزَ الرفض لهذه الأداة والإيحاء بالاشمئزاز منها عبر حَركة الأصابع، في حين قدَّم المُصمِّم الإيراني ياسر غدير القضيَّة التي ما زالت تتردّد أصداؤها في إيران، وهي مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني على يد "شرطة الأخلاق" بسبب حجابها، إذ تضمَّن عملُه عبارة "قاتل النساء لا شرف له"، وإلى جانبها يدُ القاتل تُمسك بخُصلةِ شعرٍ وأداة الجريمة، ليختمه بعبارة "لا للتطرّف". أما المُصمِّم الصيني شو كاي، فقد وجد أنّ حبس الأفكار المُتطرّفة هو شكلٌ آخر من أشكال الرعب الخفي الذي قد يؤدّي إلى الإرهاب في أيّة لحظة، حيث تضمَّن تصميمُه ما يُشابه الرأس النوويّ، وفي داخله تقاسيم الدماغ التي قد تخرج منها كلّ الأفكار التي تُسبب خراب العالم.

الصورة
عمل للصيني شو كاي - القسم الثقافي
عمل للصيني شو كاي

ومن بين الفنانين المشاركين: ماركو ناتولي (إيطاليا)، وميشيو إيتو (اليابان)، ونور عريشة كريمون (ماليزيا)، وخوان بول كرامر (المكسيك)، وإيغوب ديري (هولندا)، ومحمد سليم (باكستان)، وأدريان ليس (رومانيا)، وأمير أحمد أوغلو (تركيا)، وعمر المطلبي وطيف جبار وباسم المهدي (العراق)، وآخرون.

يُعدُّ البينالي هو الأوّل من نوعه في العراق، ويأتي ضمن إطار سعيِ قسم التصميم في كلّية الفنون الجميلة في إشاعة ثقافة "فنّ الملصق"، وإثراء المشهد الفنّي العراقي بالتصاميم الرقميّة؛ التي تُعد أساليب دعائيّة تُلاقي رواجًا كبيرًا في العالم وتوجّه خطابها للجميع ولا تختصُّ بفئةٍ معيّنة، إضافة إلى كون هذا البينالي تأسيسًا لبيناليات قادمةً من المؤمَّل أن تحتضنها أروقة الكليّة ذاتها.

المساهمون