"البيت العربي": عمران بغداد كما رآه لطيف العاني

"البيت العربي": عمران بغداد كما رآه لطيف العاني

07 يناير 2023
"نُصب الحرّية" لجواد سليم، ببغداد، في صورة لـ لطيف العاني، 1962 (من المعرض)
+ الخط -

في الثامن عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مرّ عامٌ على رحيل المصوّر العراقي لطيف العاني (1932 ــ 2021)، الذي يُعَدّ من روّاد العمل الفوتوغرافي في بلده والعالم العربي بشكل عام، إذ تعود أولى أعماله الاحترافية إلى مطلع خمسينيات القرن الماضي.

خلال ثلاثة عقود من العمل الفوتوغرافي، وضع المصوّر الراحل أرشيفاً ضوئياً ضخماً سجّل فيه الكثير من جوانب الحياة العراقية: من الحياة اليومية في المدن الكُبرى إلى يوميات الريف العراقي، مروراً بالتغيُّرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد بدءاً من منتصف القرن الماضي.

بالتوازي مع معرض "بغداد قُرّة العين" الذي يُقيمه "متحف الفنّ الإسلامي" في الدوحة، وبالتعاون مع المتحف نفسه و"مؤسّسة الصورة العربية" في بيروت، يستضيف "البيت العربي" في مدريد معرضاً بعنوان "بغداد، مكانٌ حداثيّ: فوتوغرافيا لطيف العاني (1958 ـ 1978)"، افتُتح في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ويستمرّ حتى الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري.

الصورة
شارغ الشورجة في بغداد، بداية الستّينيات (من المعرض)
قرب سوق الشورجة في بغداد، بداية الستّينيات (من المعرض)

وإذا جاء اختيار "البيت العربي" تقديمَ نظرة على تحوّلات العاصمة العراقية انطلاقاً من اشتغالات العاني، فلأنّ هذه الاشتغالات "تشكّل شهادةً ذات قيمة كبيرة عن التطلُّعات إلى الحداثة والتنمية التي شهدتها العاصمة العراقية" بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، ولأن "العاني يُعَدّ، بلا أدنى شكّ، أهمّ المصوّرين العراقيين حتى يومنا هذا"، بحسب بيان المعرض.

هكذا، تركّز الأعمال المعروضة على التقاطات المصوّر الراحل للتغيّرات الحضرية في بغداد، حيث المنازل المَبنيّة حديثاً في حيّ اليرموك مطلع الستّينيات، أو تحديث حيّ الدورة خلال الفترة نفسها، إلى جانب لقطات لمَعالم قديمة وأصرحة فنية ومعمارية مثل سوق الشورجة، أو نُصب الحرّية الذي وقّعه الفنّان جواد سليم.

الصورة
بيوت جديدة في حيّ اليرموك، 1962 (من المعرض)
بيوت جديدة في حيّ اليرموك، 1962 (من المعرض)

وفي كلّ واحدٍ من أعماله تقريباً يذهب بنا العاني إلى ما هو أبعد من لحظة التقاط الصورة، هذه اللحظة التي لطالما تُربط بها الفوتوغرافيا، حيث يضمّ كادر صورته إحالاتٍ إلى تواريخ وأمكنة تتجاوز هذا الكادر، وتأخذنا تارةً إلى حضارات الرافدين القديمة، وتارةً إلى السياسات العمرانية التي كانت سائدة في بلده بين منتصف القرن الماضي وسبعينياته.

على مستوى السيرة، يذكّرنا المعرض بأن الفنان الراحل تعرّض للمنع من التصوير في الأماكن العامّة بُعيد وصول صدّام حسين إلى السلطة (1979)، واندلاع الحرب العراقية الإيرانية (1980 ـ 1988)، وبأن كثيراً من أرشيفه اختفى أو جرى إتلافه مع بدء الاحتلال الأميركي للعراق في 2003، لكنّ ذلك لم يمنع من احتفاظ عدد من المؤسسات والجهات الأهلية والخاصّة بعشرات من صوره.

المساهمون