المرض

المرض

15 ابريل 2022
شافع وزاني/ الجزائر
+ الخط -

بسُخرية ممزوجة بغصّة، يُعلّق الجزائريون، عبر مواقع التواصُل الاجتماعي، على تصريحاتٍ لمسؤولين سابقين وحاليّين عن المنظومة الصحّية في بلادهم؛ مِن بينها حديثُ للرئيس عبد المجيد تبّون - الذي سبق أن قضى شهرَين للعلاج في ألمانيا سنةَ 2020 - اعتبر فيه أنّ الجزائر "تملك أفضلَ منظومة صحّية في المغرب العربي وأفريقيا".

يُفترَض، في هكذا منظومة صحّية متطوّرة، أنْ يحظى جميعُ المرضى بفُرَص متساوية للعلاج الذي تُفاخِر الدولةُ بأنّها مِن الدول القليلة التي لا زالت توفّره لمواطنيها مجّاناً في مستشفياتها العمومية. لكنّنا سنقف على صورةٍ مناقضة ونحن نصادف بياناتٍ رسمية حول "التكفُّل التامّ" بمرضى دون غيرهم.

آخر تلك البيانات أوردته وزارةُ الثقافة اليوم الجمعة. وفيه نقرأ أنَّ وزيرة الثقافة، صورية مولوجي، "أسدت تعليمات صارمة لمصالحها المعنيّة بضرورة التكفُّل العاجل" بالفنّانَين محمد صالح غزال، المعروف باسم "العربي غزال" مِن قسنطينة، ومحمد قباش، المعروف باسم "قادة"؛ أحد أعضاء فرقة "راينا راي" مِن سيدي بلعباس.

قبل ذلك، أعلنت الوزارة، في شباط/ فبراير الماضي، عن التكفُّل بعلاج الممثّل حمزة فغولي. وقبل قرابة سنة، نُقل الممثّل صالح أوقروت إلى فرنسا للعلاج من مرض السرطان، بعد أنْ "أمَرَ" رئيس الجمهورية" بـ"التكفُّل الفوري" به.

حالاتُ "تكفُّل" الدولة بعلاج كتّابٍ وفنّانين جزائريّين في مستشفيات وطنية أو أجنبية هي أكثرُ مِن أنْ تُحصى. وهي تكشف في، جانبٍ منها، عن الوضع المزري الذي يعيشه كثيرٌ من المشتغلين في حقل الثقافة؛ حيث تغيب إلى اليوم قوانين تضمن لهم الرعاية الصحّية. لكنّها، في جانب آخر، تكشف عمّا هو أهمّ.

الأهمُّ هو أنْ يضطرّ المريضُ لاستجداء تدخُّل مِن "واسطة" ما للتكفُّل به. يحدُث أن تتدخَّل وزارةُ الثقافة أو جهةٌ رسمية أُخرى في حالاتٍ معيّنة حتّى يحظى المريضُ بمعاملة استثنائية (يُفترَض أن تكونَ هي القاعدة) في المستشفيات الحكومة. لكن، ماذا عن المواطِن البسيط الذي لا تُتاح له هذه الميزة؟

بالطبع، هذه ليست دعوةً إلى عدم التكفُّل بالفنّانين والمثقّفين حين يمرضون، بل لأنْ يجري التكفُّل بجميع المرضى دون حاجةٍ إلى "تعليمات" الوزير و"أوامر" الرئيس.

يصبح الأمر أكثر فداحةً حين يُصبح مفاخَرةً بالعجز ومتاجرةً بالمرض. ليس بعيداً مشهدُ الممثّل محمد حزيم، قبل أيّام، على سرير في أحد مستشفيات البلاد تُحيط به ميكروفونات القنوات التلفزيونية، وهو يشكر رئيس الجمهورية الذي "أمر" بـ"التكفُّل" بعلاجه، وقبلها الشاعرَ الراحل عثمان لوصيف، الذي عاش بعيداً عن الأضواء، ثُمّ رأيناه، في آخر أيّامه، في صورةٍ وهو على فراش المرض مع وزير ثقافة سابق.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون