اختفاء "الوقائع المصرية".. مصير مجهول لستة مجلّدات

اختفاء "الوقائع المصرية".. مصير مجهول لستة مجلّدات

03 ديسمبر 2022
(من مقتنيات "دار الوثائق القومية")
+ الخط -

ما زالتِ التحقيقات جارية في مصر بشأن قضية يجتمع فيها الثقافي بالجنائي، وتتمثّل في اختفاء ستّة مجلّدات نادرة من جريدة "الوقائع المصرية"، والتي تُعدّ الصحيفة الرسمية الأُولى في مصر، حيثُ صدر العدد الأوّل منها بأمر من حاكم مصر محمد علي باشا، في مثل هذه هذا اليوم، الثالث من كانون الأوّل/ ديسمبر 1828.

لم يُعلن رسمياً عن تفاصيل القضية بداية الأمر، لولا كشفها من قبل وسائل إعلام محلّية؛ ما أجبر وزارة الثقافة المصرية مُمثّلةً بالوزيرة نيفين الكيلاني على التصريح لإحدى القنوات التلفزيونية بأنّ إجراءات قانونية ستُتّخذ بحقّ المقصّرين، وأنّ هناك موظّفين يعملون في "دار الوثائق القومية" (وهي الهيئة الوطنية المسؤولة عن أرشفة وحفظ مثل هذه الملفّات)، مُحتجزين على ذمّة التحقيق بأمر من النيابة العامة.

من جهتها، أعلنت نيفين موسى، رئيسة الهيئة العامة لـ"دار الوثائق القومية"، أنّها لم تتلقّ تبليغاً باختفاء المجلّدات الستة إلّا في الثالث والعشرين من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، إلّا أن تحقيقاً بالواقعة لم يبدأ حتى مُضيّ أكثر من عشرة أيام. وهذا ما أرجعه البعض إلى بطء بيروقراطي يُعرقل سير هذا النوع من القضايا، بينما تحتاج من المسؤولين الكثير من السرعة غير المعتادين عليها، في جوّ من الاتهامات بالتقصير والإهمال.

نفت رئيسة الهيئة العامة لـ"دار الوثائق" وقوف جهات أجنبية وراء الحادث

وكانت صحف مصرية قد تداولت خبراً حول الظهور الأخير للمجلّدات، يُفيد بأن كاميرات المُراقبة رصدت مسؤولين من سفارة أجنبية يقومون بتصوير بعض الصفحات منها لاستخدامها في مناسبة ثقافية مُقبِلة، ولم يُحدَّد مصيرها بعد ذلك، إلّا أن موسى نفت صحّة هذا الخبر، وقالت: "ما يتردّد عن وجود جهات أجنبية عارٍ تماماً من الصحة". 

وأشارت موسى إلى أنّ تفريغ الكاميرات ودفاتر الدخول والخروج، باتت في أيدي النيابة العامة الآن، وأنّه "لم يثبت أي دخول لجهات أجنبية إلى الهيئة، ولكنّ هذه المجلّدات تم نقلها من مكانها إلى مكان آخر داخل الهيئة ولم تخرج من دار الكتب على الإطلاق".

أمّا عن سبب نقل الوثائق، فأوضحت أنّ الهيئة كانت بصدد الإعداد لكتاب مُصوَّر تذكاري للمشاركة في "إكسبو دبي 2020" (الذي أُقيم العام الماضي)، ويحمل عنوان: "مصر في المعارض الدولية: 170 عاماً من التأثير والإبهار 1851 - 2021"، وهذه آخر لقطة توقّفت عندها الكاميرات على رصد المجلّدات ولم يظهر أنها عادت إلى مكانها الطبيعي داخل "دار الكتب".

وفي سياق متّصل، تقدّم أمين سر لجنة الخطّة والموازنة في البرلمان المصري، عبد المنعم إمام، بطلب إحاطة إلى رئيس البرلمان وجّهه إلى وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني، مستوضحاً مدى رقابة الوزارة والدار على الوثائق التاريخية الموجودة، بعد التأخّر عن إصدار أي تصريح في القضية رغم تداولها في الإعلام.

من جانبهم، تفاعل مثقّفون وجمهور من الشارع المصري عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع القضية، فعدا عن الانتقادات التي طالتِ التخبّط الذي أبداه المعنيّون بالأمر، ذكّر البعض بأنها ليست المرّة الأولى التي ينال فيها الإهمال من الأرشيف المصري، إذ سبق أن اختفت عام 2002 من الهيئة ذاتها مخطوطة أوّل كتاب فقهي في الإسلام "الرسالة"، (وضعه الإمام الشافعي في القرن الثاني للهجرة)، وهناك من طالب بضبط المصطلح ولفت الانتباه إلى أنّ ما جرى مع مجلّدات "الوقائع" الستة قد يدخل في إطار "السرقة" وليس "الاختفاء". 

المساهمون