"عاش هنا": تكريم متأخّر لجمال بكري

عُرف المعماري المصري جمال بكري (1931 - 2006) بكونه يناهض التبعية المعمارية التي تعرفها مصر وبقية البلاد العربية حيث كان يجد أن اعتماد ما يسمّى بالهندسة الحديثة كان يدمّر روح المكان، وفي المقابل كان يعتقد أنه من الممكن تطوير حداثة معمارية تنطلق من خصوصيات المنطقة العربية خصوصاً لما تعرفه من تنوّع حضاري.

دفع بكري ثمن هذه المواقف ببقائه مهمّشاً فلم تتح له الكثير من الفرص لتجسيد أفكاره، ولكنه نجح من خلال بعض التصميمات أن يبرز هذه الأفكار لعل أشهرها تصميم فيلا بدران في حي المهندسين عام 1971 وفيها بيّن أنه من الممكن كسر صرامة الخطوط الحادة للعمارة الحديثة.

نوع من الاعتراف المتأخّر بهذا المعماري يمكن أن نستشفه من مبادرة مؤسسة "الجهاز القومي للتنسيق الحضاري"، التابعة لوزارة الثقافة المصرية بوضع لافتة "عاش هنا" على بيت جمال بكري في حيّ الدقي في القاهرة. 

صحيح أن شرائح واسعة لا تعرف اليوم المعماري المصري لا في مواقفه ولا في تصميماته ولا في كتاباته، ولكن مثل هذه المبادرات قد يساهم في كسر هذه الجفوة وأكثر من ذلك يمكن أن يدمج بعض الفئات في حقل الفكر المعماري فيتعرّفون على قضاياه وربما يتلمّسون تقاطعات مع واقعهم.

وإلى جانب العمارة، كان بكري يشتغل على التصميم الغرافيكي وتصميم الأثاث، وهي مجالات أخرى عمل على نقدها من الداخل في محاولة أخرى لبناء روح تصميمية عربية لا تكتفي باستيراد الأفكار والمنهجيات الجاهزة.

الأرشيف

التحديثات الحية

حسن فتحي ورمسيس ويصا: العمارة المصرية في تجربتين