"الأندلسيات الأطلسية".. ثمار التطبيع الفاسدة

"الأندلسيات الأطلسية".. ثمار التطبيع الفاسدة

29 أكتوبر 2022
مظاهرة في الرباط ضد التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، 18 أيلول/ سبتمبر 2020 (Getty)
+ الخط -

ما زالتِ الأنشطة الصهيونية تعمل على اختراق الفعاليات الثقافية للدول التي خضعت حكوماتُها وأنظمتُها لاتفاقات التطبيع سياسياً، إلّا أنّ التداعي الذي تأخذه الحالة المغربية يكاد يصبح عادة يومية تقتات عليها مؤسّسات ومهرجانات خُلقَت لمثل هذه الغاية؛ ظنّاً أن بالترويج للصهاينة يكسب "الاعتراف العالمي"، ولو كلّف ذلك أن تعادي قطاعات شعبية واسعة مناهِضة للتطبيع على المستويين العربي والمغربي المحلّي (وصف بنسالم حميش، الكاتب ووزير الثقافة المغربي الأسبق، هذه المحاولات الإسرائيلية بأنها "بمثابة استعمار جديد للمغرب").

والمرء يتساءل حقاً: أليست هذه الأخبار التي تنهمر يومياً أشبه بثمار فاسدة تنالُ منها آفة واحدة، فلا نعلم أي الثمار أفسد من الأُخرى: لقاءُ وزير الثقافة المغربي الحالي محمد مهدي بنسعيد بوزير التعاون الإقليمي في "إسرائيل" نهاية تموز/ يوليو الماضي، أم انسحاب كاتب برُتبة مروّج للتطبيع مثل الطاهر بن جلون من معرضٍ فرنكفوني يُقام هذه الأيام ببيروت، ملتحقاً بكُتّاب فرنسيين عُرفوا بمواقفهم الداعمة للكيان الصهيوني.

أمّا على صعيد الأنشطة التي تتكاثر ويُعوَّل عليها في الأوساط التطبيعية العربية بوصفها "فتحاً ورمزاً للتسامح" فمن أين يمكنُ أن نبدأ؟ من "مهرجان طنجاز" الذي أُقيم في أيلول/ سبتمر الماضي، أم "مهرجان حيفا السينمائي" الذي يُقام على أرضٍ مُحتلّة وشارك فيه المغرب بسبعة أفلام، وإطلاق لفظة مهرجان على هذه التظاهرات الضئيلة يأتي من باب المجاز، كونها في حقيقة الأمر ليست أكثر من فضائح يستجرّ بعضُها بعضاً.

بالمقابل لا تمرّ مثل هكذا أنشطة دون مقاومة فعلية من منظّمات ثقافية حقيقية، فها هي "الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل" (MACBI) تُصدّر بياناً مُشتركاً يوم الجمعة الماضي، مع نظيرتها "الحملة الفلسطينية" (PACBI) تُدينان فيه مشاركة فنانين مغاربة وجزائريين في "مهرجان الأندلسيات الأطلسية" التطبيعي، والذي "يتلقّى دعماً من جهات رسمية إسرائيلية مثل وزارة التعاون الإقليمي ومكتب الارتباط الإسرائيلي في الرباط".
 
ويُشارك في التظاهرة التي تُقام هذه الأيام بمدينة الصويرة كلٌّ من: "أوركسترا روافد" بقيادة عمر المتيوي، و"جوقة الصويرة" بقيادة صفوان مقدم، و"فرقة أفالكاي" (التي تضمّ حسن لهجري ورشيد زروال وسكينة فحصي)، و"فرقة إل غوستو"، و"فرقة الأنوار المحمدية" بقيادة حمزة جورتي، بالإضافة إلى عمر الجعيدي، وهشام دينار، وزينب أفايلال، وعبير العابد، وزهرة تنيرت، وعبد الرحيم الصويري، والمنتصر احمالا.
 
وأكّدت الحملة أنّ هذا المهرجان يجمع "على نفس المنصة بين فنانين/ات من المنطقة العربية وإسرائيليين/ات لا يعترفون بالحقوق غير القابلة للتصرّف للشعب الفلسطيني، وأهمّها حقّ عودة اللّاجئين إلى ديارهم التي شُرّدوا منها... لا يُمكن فهم مشاركة فنانين/ات من المنطقة العربية في هذا المهرجان إلا كمساهمة منهم في التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي، وهو ما نرفضه تماماً وندعو للتحرّك لوضع حدٍّ له".

في الختام اعتبر البيان أنّ "الفنّ إذا ما فقد قدرته على الحديث بلسان الشعوب وما عاد يعبّر عن تطلعاتها وهمومها يمكن أن يُستَغل كأداة قمع لتلك الشعوب وكسلاح مسلّط على ثقافاتها وإرثها النضالي".

المساهمون