"رياس البحر الهندي": عصر الاستكشاف العثماني

"رياس البحر الهندي": عصر الاستكشاف العثماني

27 سبتمبر 2018
(لوحة تجسّد معركة ليبانتون الأسطولين العثماني والأوروبي عام 1571)
+ الخط -

منذ صدوره في 2010، اعتُبر كتاب "رياس البحر الهندي.. عصر الاستكشاف العثماني" للباحث الإيطالي جانكارلو كازالي سرداً تاريخياً يبتعد عن تجهّم الكتب التاريخية، ويقترب في جمالياته من العمل الأدبي. عمل صدرت ترجمته حديثاً عن سلسلة كتاب "عالم المعرفة"، وقد أنجزها مصطفى قاسم.

في المقدمة، يضيء الكاتب الخطط التوسعية التي وضعها السلاطين العثمانيون، ويذهب إلى ضرورة إلحاق حملات الإمبراطورية العثمانية التي عبرت المحيط الهندي ضمن "عصر الاستكشاف" إلى جانب الإمبراطوريات الأخرى كإسبانيا والبرتغال، ويرى أنها حملات كان لها رؤى ونوايا توسعية مثلها مثل غيرها، ولتحقيقها كانت هناك ابتكارات لتسهيل تقنيات الإبحار والاستكشاف ورسم الخرائط، إلى جانب اهتمام فكري بما تقوله الحضارات خارج حدود الإمبراطورية.

في الفصل الأول يقارن الكاتب بين "سياسات المحيط الهندي" عند السلطان سليم الأول وسياسات الملك هنري "ملاح البرتغال"، ويقول إنه ومع غزوهم للأراضي المملوكية، دخل العثمانيون في عالم جديد من المحيط الهندي، كانوا فيه أسرع من غيرهم في الاستجابة للإمكانيات التجارية والاستراتيجية الجديدة للطرق البحرية.

أما الفصل الثاني فيناقش العقدين التاليين للسيطرة على الأراضي التي كانت خاضعة لحكم المماليك، مع السياسة العثمانية التي هيمن عليها في ذلك الوقت الوزير إبراهيم باشا، ويطلق الكاتب على هذين العقدين "عصر الاستطلاع"، عندما تغلب العثمانيون على عقبات لوجستية كبيرة لبناء أسطول البحر الأحمر وبدء الاتصالات مع شرق أفريقيا والهند. ويروي الفصلان التاليان قصة أول "حرب عالمية" عثمانية مع البرتغاليين؛ حيث صارع العثمانيون لتأكيد وجودهم في بحر العرب وأجزاء من الهند المسلمة خلال الأعوام ما بين 1540 و1550.

بينما يفحص الفصلان الخامس والسادس التقدم العثماني في المحيط الهندي بين 1560 و1580، وهي فترة عرفت حملات عسكرية كبيرة واستخدام ما يُعرف اليوم بـ "القوة الناعمة".

أما الفصل الأخير، فيؤرخ فيه المؤلف بداية تراجع القوة السياسية والعسكرية العثمانية، بالحصار الفاشل لمومباسا في 1589 وصعود القوى الإسلامية المتنافسة في الهند وآتشيه في أندونيسيا. ويرى أنه على الرغم من إجبار العثمانيين على التخلي عن استراتيجيتهم الكبرى، إلا أن الإمبراطورية حققت أهدافها إلى حد كبير في كسر المطامع البرتغالية بالهيمنة وفتح التجارة في المحيط الهندي.

يصف الكاتب خلال فصول العمل المختلفة السفن العثمانية والأساطيل، ويقدم لتطور صناعة الخرائط العثمانية ومساهمة الإمبراطورية في استكشاف المحيط الهندي التي غالباً ما يتم تناسيها، كما يصف التطورات التي حدثت في أواخر القرن السادس عشر في أدلة السفر العثمانية الجديدة إلى الأراضي الآسيوية ورسوماتها.

اعتمد الكتاب على مصادر رسمية بشكل أساسي، وتطرق إلى بعض المصادر الأخرى بشكل طفيف، فلم يقدم مثلاً الروايات الشخصية والسرديات الموازية والمنشورات الخاصة والوثائق التجارية.

دلالات

المساهمون