غرفة مظلمة ونافذة مضاءة

غرفة مظلمة ونافذة مضاءة

12 ابريل 2020
+ الخط -
تجلس في الصالة، وتترك النافذة مفتوحة. ترى المنزل المقابل، ولا تهتم بأن يسكنه أحد قريبا، تترك الضوء مُطفأً، وتراقب. يضيء النور في الغرفة الوحيدة التي تمتلك نافذة زجاجية، وباقي المنزل غارق في الظلام، ويمكن سبر أبعاده بسهولة.

في كل ليلة، في نفس الوقت تنار الغرفة. لا يبدو أن المنزل جاهز للسكن بعد، هناك سلك ينزل من السطح يدخل الغرفة من النافذة الزجاجية التي يبدو أنها غير مغلقة بحيث تسمح بمرور تيار خفي من البرد. من يسكن الغرفة، لا بد أنه يشعر بالبرد كثيرا. هكذا فكرت من نافذتها. شعرت بالبرد، ألقت نظرة أخيرة على السماء وأغلقت النافذة.

في اليوم التالي تنار الغرفة مجددا، تبتسم الفتاة هذه المرة وتحاول تخيل من يعيش هناك. تتذكر أنها وجدت النور منارا فجرا أمس، لعل القاطن شخص يحب السهر. راقبت المنزل في اليوم التالي، لم تر شخصا يغادر المنزل، إلا إن غادر من باب المرآب الذي يقع في الجانب الذي لا يصله نظرها من المنزل.

قد يكون ابن الجار الذي لا تحب زيارات عائلته لمنزلهم. لكنها تستبعد الفكرة، فهي تظن تلك العائلة مدللة. من يعيش في منزل خال بثلاثة طوابق، ومليء بالجرذان -هي رأتهم بنفسها من النافذة، كانت كبيرة إلى تلك الدرجة- ويمكن لأي أحد دخوله إن امتلك الشجاعة، لا بد أنه سيكون شجاعا -بالطبع- وسئم من البشر، ولا يملك منزلا خاصا به، فاستولى على منزل لا يضر أحد إن سكن به لفترة محددة.

تذكرت يوما من رمضان فائت، قبل سنوات. كان أذان المغرب قد أوشك، وهي تنتظر مع أختها حلوله، كانت تضحك وتغني. لفت ذاك اهتمام شخص في المنزل المقابل الذي يفوق منزلهما بطابق، واستطاع رؤية من يمتلك هذه القدرة على الحياة. لمحهما من سطح المنزل ولم يستطع رفع بصره عنهما، وحين انتبها أخيرا غادرت أختها غاضبة، ونظرت هي إليه بفضول، وغادرت. انزعج لأنه فقد صوتهما، وهي فكرت به كثيرا، وحكت عنه في مذكراتها. تذكرت ذلك فجأة، وقررت أنه هو من يقطن الغرفة، دون الحاجة لتفكير زائد.