بين المرحلة الانتقالية والانتخابات... الجزائر إلى أين!

بين المرحلة الانتقالية والانتخابات... الجزائر إلى أين!

11 سبتمبر 2019
+ الخط -
تعيش الجزائر هذه الأيام على وقع رأيين مختلفين، بين مطالب بالتسريع في تنظيم انتخابات رئاسية بشروط محددة واضحة رفعت من بداية الحراك وعقب إسقاط حكم بوتفليقة مباشرة، منها تحييد الإدارة نهائيا عن التدخل في تنظيم الانتخابات واستحداث "سلطة" وطنية للإشراف والتنظيم الكلي للانتخابات يتم تشكيلها عن طريق قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين، وهذا ما تمت المصادقة عليه في أول مجلس وزراء يقوده رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، إضافة إلى رحيل حكومة الوزير الأول نور الدين بدوي التي عيّنت من طرف الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة (استقال في 2 إبريل/ نيسان الماضي)، نظرا لضلوعه المباشر في تزوير نتائج الانتخابات لما كان وزيرا للداخلية، حسب ما رفعته المطالب الشعبية.

وعلى الجهة الأخرى تقف الفئة الساعية إلى الذهاب إلى مرحلة انتقالية "تأسيسية" على حسب قولهم وحسب منتسبيهم، إلا أن هذا الأمر يبدو فاقدا للفعالية لعدة أسباب، هي:
1- من سيقود المرحلة الانتقالية؟
2- كيف ستكون هذه المرحلة الانتقالية؟
3- من يعين قيادة المرحلة الانتقالية؟
4- كم ستكون مدتها وهل هي مضمونة العواقب؟


هذه الأسئلة تستحق أجوبة دقيقة علمية وعملية في ذات الوقت، فلا يمكن الزج بمستقبل بلد بأكمله في غياهب مرحلة فارغة من أي سيادة مؤسساتية، وغياب أي دعم أو فئة شعبية تساند هذا الطرح إلا قليلا.

فالطريق الأسلم بالنسبة لي، هو توفير كل الشروط اللازمة للذهاب نحو اقتراع نزيه خال من التعيينات والولاءات المقيتة في جو تسوده الحضارية والديمقراطية، وتونس الشقيقة خير نموذج لما أقول، فتلك المناظرات بين مرشحي السباق نحو قصر قرطاج، وتعتبر التجربة التونسية الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي.

الانتخابات التي ستنتج لنا رئيسا شرعيا منبثقا عن الإرادة الشعبية الحقيقية، أكيد ستحمل معها الحلول الناجعة والفعالة وتقضي أصلا على المعضلة التي أوصلت الأمور لهذا الحد من التعفن -عدم الشرعية-، فالنظام السياسي الجزائري أصلا مبني على عدم الشرعية إنطلاقا من أزمة صائفة 1962، ومؤتمر طرابلس الذي لم يغلق أشغاله إلى حد كتابة هذه الأسطر.

والرئيس القادم حين تحمله إرادة شعبية إلى قصر المرادية سيحمل معه حلاً لبناء اقتصاد حقيقي، والقضاء على البطالة، فالرهان في الجزائر اقتصادي بإرادة سياسية طبعا، كذلك عليه أن ينظر إلى المقدرات التي تزخر بها هذه الأرض وكيفية استغلالها للمضي قدما نحو تأسيس كيان حقيقي يحسب له ألف حساب.

طبعا طرح الرئاسيات القادمة في أقرب وقت والذي تبنته المؤسسة العسكرية على لسان قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، باقتراحه استدعاء الهيئة الناخبة في 15 سبتمبر/ أيلول الجاري، يحمل في طياته خارطة طريق واضحة يسبقها توفير الشروط التي تحدثت عنها في بداية هذه الكلمات والتي تحقق جزء منها، وهو المصادقة على الهيئة الوطنية لتنظيم والإشراف على الانتخابات في مجلس الوزراء، ووجب أن يليه استقالة نور الدين بدوي وتعويضه بأحد وزراء حكومته لعدم دستورية إقالة الحكومة كاملة كعربون حسن نية وتحسين الأوضاع.

ولكن المطلوب من الجميع التسلح بالوعي الشعبي الجماعي وإحكام الخناق على من يريد القفز على الإرادة الشعبية، فالسير إلى انتخابات مع رقابة شعبية لصيقة تدحر كل من تسول له نفسه أن يركب نتائج حراك 22 فبراير المبارك سيقودنا إلى أقرب طريق وهو إعلاء رئيس جمهورية شرعي منتخب يحمل الترياق الفعال للقضاء على الداء الفتاك وإبطال سمّيته التي دامت طيلة 57 سنة كاملة.