دليل الشيطان إلى هوليود (1)

دليل الشيطان إلى هوليود (1)

19 اغسطس 2019
+ الخط -
على عكس الكثير من الكتب التي تقوم بإرشاد هواة السينما ومنحهم النصائح والتوجيهات النظرية، يأتي كتاب (دليل الشيطان إلى هوليود) لكاتب السيناريو الأمريكي الشهير جو إيزسترهاس مختلفا تماما، فهو لا يقدم بشكل أكاديمي خطوات عملية يمكن اتباعها بالترتيب، ليتمكن هاوي كتابة السيناريو من اتباعها، بل يأخذه بدلا من ذلك في رحلة فوضوية ممتعة داخل عالم هوليود، يستعرض فيها خبرته الشخصية في كتابة السيناريو، مازجاً ذلك بخبرات بعض من أكبر كتاب هوليود ومن كبار الأدباء أيضا، دون أن يفوّت الفرصة في السخرية بشكل لاذع من الكتب الأكاديمية التي تعلم السيناريو، وعلى رأسها كتب معلم السيناريو الأشهر في العالم روبرت ماكاي، والذي تمت ترجمة كتابه الأهم (القصة) من المركز القومي للترجمة قبل سنوات، حيث يسخر جو إيزسترهاس في مواضع عديدة، من قيام ماكاي بتعليم السيناريو للناس، برغم كونه فاشلا في كتابة السيناريو، مختارا بعض المقاطع الإنشائية من كتبه ليسخر منها، فيحقق بذلك عدة أهداف: أولها فش غله من ماكاي وأمثاله من معلمي السيناريو، ثانيها زيادة إقناع القارئ بأهمية كتابه بدلا من تلك الكتب، ثالثها تأمل تجربته في كتابة السيناريو بعد أن وصل فيها إلى ذروة النجاح التجاري، ثم اختبر بعد ذلك الكثير من التجارب الفاشلة التي أراد أن يشاطرها مع الآخرين بنبرة ساخرة جارحة ومريرة أيضا.

لا يتحدث جو إيزسترهاس في كتابه فقط عن فن كتابة السيناريو، بل يمر على كافة مراحل صنع الفيلم السينمائي، ليلقي عليها نظرة من خلال عيون كاتب السيناريو، وبرغم أنه يعتبر السيناريست كإله للعملية السينمائية، إلا أنه حرص على تسمية كتابه (دليل الشيطان إلى هوليود)، لأنه فيما يبدو لم يجد وصفاً أنسب لكل ما يحفل به كتابه، من مشاعر سلبية تجاه كل شركاء العملية السينمائية من مخرجين ومنتجين وممثلين وفنيين ونقاد، ولولا أنه كتب ذلك بخفة ظل غير عادية، وطعّمه بالكثير من التجارب المهمة والإقتباسات الذكية والخبرات الشخصية، لأحدث الكتاب عكس أثره تماما، لكنه بفضل الخلطة التي قدمها، نجح في تقديم كتاب ممتع ومهم، ولذلك سعيت لأترجمه مع الزميلة العزيزة شيماء خليل، التي ترجمت العديد من فصوله، وقمت أنا بتحريرها وترجمة بقية الفصول، على أمل أن نقدم هذا الكتاب قريبا للقارئ العربي المهتم بالسينما، والذي آمل أن يجد في المقتطفات التي سأنشرها على حلقات ما يفيده ويمتعه، إلى أن يقرأ الكتاب كاملاً بإذن الله.


ما يجعل جو إيزسترهاس يتحدث في كتابه بتلك النبرة التي تتعالى فوق الجميع، هو أنه يتحدث بوصفه واحدا من أكثر كتاب السيناريو تحقيقا للنجاح التجاري في هوليود، منذ عام 1978 الذي شهد ظهور فيلمه الأول "F.I.S.T" الذي أخرجه المخرج الكبير نورمان جايسون ولعب بطولته سيلفستر ستالوني ورود ستايجر، ثم أعقب ذلك ظهور فيلمه الثاني "فلاش دانس" عام 1983 والذي أخرجه المخرج الكبير أدريان لين ولعبت بطولته جنيفر بيلز، وحقق أكثر من 200 مليون دولار وقتها برغم أن تكلفته لم تتجاوز السبعة ملايين دولار، لتكون الثالثة ثابتة بعد ذلك بعامين، حين حقق فيلمه الثالث (حافة مدببة) من بطولة جلين كلوز وجيف بريدجز إيرادات كبيرة قياسا لتكلفته وكونه فيلم تشويق بعكس فيلمه السابق الأكثر تسلية، ليمكنه ذلك النجاح من تنويع أفلامه التي حقق الكثير منها نجاحات مادية وفنية، حيث تعاون مع المخرج العظيم كوستا جافراس لتقديم فيلم (صندوق الموسيقى) من بطولة جيسكا لانج، حيث عاد إلى جذوره في المجر التي قدم منها مهاجرا إلى أمريكا، وحكى قصة مستمدة من بعض التفاصيل الشخصية لعائلته، لكن نجاحه الجماهيري الأكبر كان في عام 1992، مع فيلم (غريزة أساسية) الذي لعب بطولته مايكل دوجلاس وشارون ستون وأخرجه المخرج الهولندي البارز بول فيرهوفن، والذي حقق إيرادات قدرها 350 مليون دولار، برغم أن تكلفته لم تتجاوز التسعة وأربعين مليونا.

لكن جو إيزسترهاس عاش بعد نجاح ذلك الفيلم الكثير من التجارب المتعثرة، ودخل في العديد من المعارك مع النقاد وسائل الإعلام، التي أرجعت نجاح فيلمه إلى المشاهد الجنسية التي أدتها شارون ستون، دون أن يكون لذلك علاقة بحبكة الفيلم، وهو ما قام جو بالرد عليه بحماس شديد، ستجده في مواضع متعددة من ثنايا كتابه، حيث لم يستطع أن يخفي شعوره بالجرح من تهمة ارتباط نجاحه بالمشاهد الجنسية، وهي التهمة التي تأكدت بعد نجاح مادي ضخم في سوق الفيديو، حققه فيلمه (فتيات الإستعراض) مع بول فيرهوفن أيضا، برغم أنه حصد الكثير من الجوائز التي تقدم للأفلام السيئة هجاءً لها وسخرية منها، لكن جو لم يكتف بالرد على مهاجميه، بل قام بتقديم فيلمين متميزين في نوع التشويق والإثارة الذي برع فيه، وهما فيلما "سليفر" و"جيد"، مع المخرجين الكبيرين فيليب نويس وويليام فريدكين، كما قام بتقديم جزء من سيرته الذاتية في فيلم "حكي الأكاذيب في أمريكا" الذي يحكي عن قصة طالب في مدرسة ثانوية هاجر من المجر إلى أمريكا وهو في العاشرة من عمره، وكان ذلك الفيلم آخر عهده بالنجاح الجماهيري والفني، فحين قام بعدها بعام بكتابة فيلم بعنوان "آلان سميث فيلم: احترقي هوليود احترقي"، والذي شارك في إنتاجه دون وضع إسمه عليه، وأخرجه المخرج آرثر هيلر، محاولاً تقديم قصة بها قدر كبير من التجريب والعبث، انقلب عليه الأمر، وفشل الفيلم فشلاً ذريعاً على كل المستويات، وظل بعدها لسنوات لا يقوم بعمل أي أفلام، حتى عاد في عام 2006 إلى موطن صباه المجر، ليقدم فيلما بعنوان (أطفال المجد) يحكي فيه بعض وقائع الثورة الشعبية على الإتحاد السوفيتي في عام 1956، وبعدها بعامين تحولت تجربة كان بدأ في خوضها مع النجم ميل جيبسون، إلى أزمة عاصفة بين الإثنين، أنتج عنها جو كتابا يهاجم ميل ويتهمه بمعاداة السامية، ويشكك في سلامته النفسية، ويتهمه بأنه مملوء بالكراهية والضغينة لليهود، وكان ذلك الكتاب وما أثاره من جدل آخر عهد الكثيرين بجو إيزسترهاس الذي لم يكن كتاب (دليل الشيطان إلى هوليود) كتابه الوحيد، فقد سبقته كتب أخرى تتنوع بين السيرة الذاتية والرواية والكتب السينمائية التي تحكي عن كواليس هوليود بشكل إنتقادي ساخر.

أترككم اليوم وغداً مع مقتطفات من الفصل المخصص لكتابة السيناريو في كتاب جو إيزسترهاس الذي يقدم فيه نصائح الشيطان إلى هواة كتابة السيناريو، وأتمنى أن تجدوا فيها ما يفيدكم ويمتعكم:

ـ أولاً: اقطع شريانك ودع أول قطرة دم تسقط على الصفحة!

ـ اتبع قلبك، أو أي عضو من أعضاء جسدك: اكتب القصة التي تنبع من قلبك أو من أحشائك أو من أي جزء من أجزاء جسدك يمكن أن تكتب من خلاله!

ـ اشترِ مقعداً جيداً، فكلما كان المقعد أكثر راحة، كلما كان تركيزك في الكتابة أشد؛ وبالتالي فسيكون النص أفضل.


ـ لا تجلس لعدة ساعات متواصلة: انهض كل ساعة وسِر لمدة خمس أو عشرة دقائق وإلا ستدمر ظهرك والبروستاتا، وهناك احتمال بأن تتدمر علاقتك بزوجتك وأطفالك، فقل مرحباً لهم وضُمّهم إليك، وتناول بعض الماء ثم واصل عملك مرة أخرى.

ـ انس أمر الأرباح: يقول الكاتب والمنتج وليام جروج: "إذا كنت تفكر عند الكتابة في المبلغ الذي من الممكن أن تبيع مقابله السيناريو، فاعلم أنك ستخسر".

ـ حاول أن تتحلى بروح الفكاهة عند كتابة النص: يقول ألبرت إينشتاين "أعلى مستوى في الإبداع ينكشف من خلال التسلية".

ـ حافظ على أن يكون بجانبك شئ مقدس أثناء الكتابة: ولكن يجب أن يكون هذا الشيء المقدس يمت للنص الذي تكتبه بصلة. فمثلا عند كتابتي لسيناريو Otis Reading كنت أضع أمامي على المكتب صورة لأوتيس وهو طفل، كانت قد أعطتها لي أرملته زيلما. وأثناء كتابتي لـفيلم (غريزة أساسية)، كنت أضع أمامي كسّارة ثلج لها بريق الفضة اللامع، كنت قد اشتريتها من محل يبيع الأشياء المستعملة، في حين كنت أضع أمامي صورة لمجموعة سيدات يهوديات من المجر يقودهن شرطي مجري إلى أحد القطارات أثناء كتابتي لفيلم (صندوق الموسيقى).

ـ السيناريوهات أشبه بالساقطات: كتب شخص واحد رواية "الحرب والسلام"، ولكن كتب 35 كاتبا فيلم "فلنتستون".

ـ ليس من الضروري أن تحب الكتابة: يقول الكاتب العظيم وليام فولكنر: "إذا لم أجد عملاً آخر أعمله، إلى أن ينحني ظهري ويشتعل رأسي شيبا، فإني سأنحني وأشيب قريبا جدا."

ـ مرة أخرى، كل ما عليك فعله هو أن تقطع شريانك وتدع قطرات الدم تتساقط على الصفحة. يقول رون شيلتون "أصعب شيء في الكتابة هو خروج الفكرة من رأسك إلى أول صفحات السيناريو، وقد أفكر فيه لعدة سنوات؛ ولا أبدأ في كتابة الصفحة الأولى، إلا بعد اختمار الفكرة جيداً حتى تنفجر الافكار على الصفحة و تتدفق بسرعة."

ـ فقط اكتب الجملة الأولى. يقول صديقي ويل فروج عن كتابة الجملة الأولى، "إن كتابة الجملة الأولى هي أصعب مراحل الكتابة." (هنا يقدم جو سخرية من فكرة النصائح البديهية التي تقارب البلاهة والتي توجد في كتب تعليم السيناريو، وهو ما سنراه في الفقرات التي يرد فيها اسم روبرت ماكي).

ـ لماذا تخشى الإستعانة بالله؟: يقول رون شيلتون "طيلة 35 عاما من عمري أهرب من الذهاب إلى الكنيسة، ولكن في الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمري تصالحت مع الكنيسة بل وأحتضنها و كأنها جزء مني. وأدركت بعدها أنني أستطيع أن آخذ منها ما يجعلني أشعر بالراحة و السلام و يساعدني على مواكبة الحياة و التقدم فيها، و ترك ما دون ذلك."

ـ يقول روبرت ماكي "إهزم خوفك": يقول ماكي: "يجب أن تفكر بعقلية الفنان، إذا عرفت أنه من الصعب عليك أن تكتب، فافعلها فقط واهزم خوفك، فأصعب شيء هو إحضار المقعد والكتابة. إن التجهيز للكتابة هو ما يعطيك رغبة و إرادة قوية للكتابة والمواظبة عليها. إن الطريقة الوحيدة للتغلب على الخوف هي الثقة بالنفس التي تأتي من معرفة بأنك محنك في هذا النوع من الفنون." طيب، كتب إيان بركر في صحيفة "نيويورك تايمز" حث ماكي الكتّاب على الكسب من أجل المعيشة ولكنه لم يكن قادراً على إنهاء هذا الكتاب وعندما سألته لماذا؟ قال لي: " سؤال جيد، إنه الخوف يا عزيزي."


ـ إذا كتبت الصفحة الأولى، فالباقي سهل. الآن تعلم انك تستطيع كتابة الصفحة الأولى، لأنك فعلتها من قبل. والآن فكل ما عليك فعله أن تكتب صفحات أخرى أكثر من 110 مرة، وبما أنك فعلتها من قبل، فما هي المعضلة في ذلك؟".

ـ لا تندفع في إنهاء كتابة النص: كتب بن هيشت سيناريو فيلم The Unholy Garden في يومين، وهنأه سام جولدوين على هذا العمل الرائع وتم تصوير النص بدون تغيير كلمة فيه، ولكن قال بن فيما بعد "إنه أسوأ نص تم تحويله إلى فيلم."

ـ خذ وقتك عند كتابة النص: كتبتُ فيلم (غريزة أساسية) في حالة جنون عمياء وكنت أستمع طول الوقت وانا أكتب إلى فريق "رولينج ستونز". لم أكن أعرف النهاية، حتى أوشكت على إنهاء ثلثي السيناريو. وأخذت الأفكار تتدفق من رأسي، وبدأت أسمع كلمات الحوار، وأخذت أحاول إدراك سرعة الأصوات التي أسمعها، ثم استيقظت في الرابعة فجراً لأكتب ذلك الحوار. كنت أكتب يوميا ولكن كنت أقسم وقت الكتابة على جلستين؛ جلسة تبدأ في التاسعة صباحا وتنتهي الواحدة ظهرا، و الأخرى تبدأ من الثالثة بعد الظهر حتى الثامنة مساءا. كنت أكتب 13 ساعة يومياً، في الفترة من اليوم الأول لكتابة النص حتى اليوم الذي بيع فيه.

ـ لا علاقة له بالنتائج: من عبارات الكاتبة أنا هاميلتون فيلان: "عندما أتوقف أقول إن هذا ليس له صلة بالنتيجة". لا تفكر فيما يمكن أن يحققه السيناريو الذي تكتبه سواء من نجاح أو فشل، فقط فكِّر فيما تكتبه من كلمات ومشاهد.

ـ انعزل عن العالم: اكتشفت أن أفضل الأوقات للكتابة بالنسبة لي يكون في الفترة من الساعة السابعة صباحاً إلى الساعة الواحدة ظهراً، فأقوم بالاستيقاظ في السادسة صباحا وآخذ حماماً ثم أشرب عصير الجزر وأحتسي الشاي ثم أجلس للكتابة عند السابعة كما إن زوجتي لا تزعجني إلا في الحالات الطارئة. وأتوقف عن الكتابة عند الواحدة ثم أتناول الغداء مع زوجتي. وبعض الأحيان أنام القيلولة بعد الغداء، ثم أعود إلى مكتبي عند الثالثة وأقوم ببعض التعديلات على ما كنت قد كتبته، ولكني في بعض الأحيان أعيد كتابته كلياً. ثم أضع بعض الملاحظات على المشاهد التي أعتزم كتابتها في المرة القادمة، وعادة ما أنهي عمل اليوم عند الخامسة، ثم أذهب للسير لمسافة خمسة أميال ثم أقضي باقي الليل مع عائلتي.

ـ ضع "اللاب توب" بعيدا عنك: أكتب مسودات أولية بخط اليد، فعلا بخط اليد وبقلم رصاص، لأن ذلك يجعلني ملامساً أكثر للشخصيات التي أكتب عنها. ثم أذهب إلى الكمبيوتر المحمول الخاص بي لكتابة مسوداتي القادمة. لا تصدقني فأنا لا أعرف كيف أستخدم الكمبيوتر المحمول. لذلك اتجه إلى الآلة الكاتبة من طراز (أوليفيتي ليترا)، في حين يمكنك أن تستخدم اللاب توب و أنت تحتسي القهوة باللبن في مقهى (ستاربكس)، أما في الأيام التي أشرب فيها، فإنني أتناول زجاجة (جاك دانيال) عند كتابتي ولكن الشيء الخطير في هذا أنني أحيانا لا استطيع قراءة خط يدي في اليوم الثاني.

ـ اذهب واجلس في حوض الاستحمام: كتب الكاتب السينمائي دالتون ترومبو ـ أحد الكتاب الأساطير في تاريخ هوليوود القديمة ـ معظم سيناريوهاته في حوض الاستحمام. لقد كتبت الكثير من النصوص في حوض الاستحمام أيضاً، على الرغم من أنني مولود في المجر حيث تكثر فيها الحمامات العامة عن غيرها من دول العالم. ولكن هناك مشكلة قد تواجهها في حوض الاستحمام؛ و هي أن حوض الإستحمام به أعلى معدلات الانتحارفي العالم؛ بمعنى إذا لم تكن كتابة تمشي بشكل جيد، فقد تنزلق داخل الحوض و....

ـ إذا كنت تستمني وأنت تكتب النص فتوقف وواصل الكتابة: يقول كاتب السيناريو دالتون ترومبو: "عندما أقوم بهذا ويصعب علي ابتلاع ريقي، أهمس في نفسي لماذا أفعل هذا؟، لماذا لا أتوقف عن فعله؟، وآخذ في لوم نفسي. ولكن الضرر حدث بالفعل ولا فائدة من اللوم و جلد الذات."

ـ اكتب ست صفحات من النص يومياً: التزم بهذا الجدول بغض النظر عن النص الذي تكتبه ونوعيته. وإذا قمت بهذا فإنك ستنتهي من أول مسودة في حوالي 20 يوما. ثم عاود وأعد تحرير ما كتبته في فترة أقل من خمسة أيام. وأعد كتابة نصك بدءاً من الصفحة الأولى مع ما قد حررته، ولا تستغرق أكثر من أسبوع في إعادة الكتابة، مما يعني أنك تكتب عشرين صفحة في اليوم. ثم احفظ النص بعيداً لمدة أسبوع، ولا تنظر إليه وبعدها حرره مرة أخرى، ولا يستغرق تحريرك للنص أربعة أيام الأكثر. أعد الكتابة مرة أخرى بحيث تستغرق هذه المرة أسبوعا آخر، لتكون هذه المسودة هي الثالثة من نوعها. والآن ابدأ محاولة بيع السيناريو وستكون هذه هي أول مسودة رسمية لك.

ـ على الأقل اكتب شيئاً كل يوم: قال جون لينون: "لم أمسك جيتارا لمدة ست سنوات، فنسيت كم كان الجيتار ثقيلا جدا".

ـ تقول إنك لا تشعر بعدم الرغبة في الكتابة اليوم، إذن اسمع ما تقوله الكوميدية ريتا راندر: "لا يرغب الناس في الاستيقاظ وقيادة الشاحنات ولكنهم يقومون بفعل مثل هذه الأمر لأنه عملهم، وهذا عملي أيضا".

ـ لا تشاهد التلفاز عند الكتابة: يقول هانتر تومسون: "سماع الموسيقى ومشاهدة برامج التلفاز السيئة تعني بالضرورة مزاجاً سيئاً، وعدم كتابة أي صفحة في السيناريو".

ـ لا تشاهد أي فيلم أثناء الكتابة: أنت لست في حاجة لتنهي العمل باستعارة مما تشاهده، كما أن الكاتب دائماً ما يشعر باليأس والتخبط أثناء الكتابة ويردد: "يا إلهي! أعلم أن هذا الأمر سيكون فاشلا."، ولكن كل ما تحتاجه هو مشاهدة بعض الأفلام الغبية التي تعطي فكرة سيئة عن كتابة السيناريو، وتكسبك المزيد من الثقة بالنفس.

ـ عندما تكتب، اجعل ذهنك بقدر الإمكان في معزل عن أي شيء يقوم بتشتيته.

ـ الموسيقى تساعدك: كما قلت من قبل عندما كنت أسمع فريق رولينج ستونز وأنا أكتب سيناريو فيلم (غريزة أساسية) خاصة "sympathy for the devil". وكنت أرى أن الموسيقى التصويرية للفيلم لابد وأن تكون لرولينج ستونز وتكون أغنية sympathy for the devil بالذات تيترا للنهاية. وكادت شركة الإنتاج تشتري حقوق موسيقى "sympathy for the devil" من الفريق مقابل 750 ألف دولار، ولكن المخرج بول فيرهوفن عدل عن هذا القرار في النهاية، كما أن 750 ألف دولار يعد مبلغا كبيرا.

ـ ممنوع التدخين أثناء الكتابة وإذا كنت مدخنا توقف: يقول الكاتب السينمائي ألبرت ماليتز عن صديقه الكاتب دالتون ترمبو: "إنه شخصية مشاكسة، فأنت تعرف أنه مثل الديك الشركسي ومن المؤسف أنه يدخن بشكل رهيب مما جعله يصل إلى الحالة التي هو عليها الآن، فلا يمكنه التوقف واعتاد أن يدخن سجارة تلو الأخرى"، وأنا كذلك، أدخن أربع علب سجائر يوميا ودائما أواصل التدخين دون انقطاع أثناء الكتابة، كما أنني بدأت التدخين منذ الثانية عشر من عمري. وفي 2001 عندما كنت في السابعة والخمسين من عمري، أُصبت بمرض سرطان الحلق وتم استئصال حوالي 80% من الحنجرة، ووضعت أنبوبة هوائية للتنفس لعدة أشهر ووجدت صعوبة في التنفس والبلع. وأخيرا أقلعت عن التدخين، ولم أستطع الكتابة لمدة عام ونصف العام، ويمكنني الآن أن أكتب أخيرا دون الإشتياق إلى السجائر. فلا تفعل ما فعلته أنا ودالتون ترامبو بأنفسنا و توقف قبل فوات الأوان.

ـ اهتم بكل كلمة: يقول الكوميديان جون بوليستر "غالبا يكمن الاختلاف بين الضحكة وغيرها في كلمة واحدة".

ـ اجعل المصباح والورق بجوار السرير: فإنك لا تعرف أبداً متى يأتيك الوحي، ومتى يمكنك الاستقاظ وتدوين ما جال بذهنك. هذه نصيحة عن خبرتي أثناء كتابة فيلم غريزة أساسية: حلمت بالفعل بالمشهد النهائي، حلمت بأنني أضع مجرفة الثلج تحت السرير، فاستيقظت و كتبتها بسرعة.

ـ كافىء نفسك جيدا بعد يوم حافل: ذكر الكاتب الروائي اتش جي ويلز لمحاوريه أنه بعد يوم شاق من الكتابة، دائما ما يحتفل عن طريق ممارسة الجنس.

...

سأتركك الآن لعلك تحتفل بشكل ما، ونكمل غداً بإذن الله.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.