رمضان فرصة لترميم الميزانية وتحسين الصحة

09 مايو 2019
+ الخط -
لو عندك أزمة مالية، وحالة تعثر مستمرة أو مؤقتة، ودخلك لا يغطي نفقاتك، وأحيانا تقترض أموالا من الغير لتغطية مصروفات باقي الشهر، تستدين حتى تتقاضى راتبا ثابتا إن كنت موظفا أو صاحب أرض أو عقار، أو حتى يأتيك أول دخل أو إيراد إن كنت صنايعيا أو تعمل عملا لا يدر عليك دخلا ثابتا.

إذا كنت كل ذلك أو واحدا من هؤلاء، لتجعل شهر رمضان بداية لحل كل هذه المشاكل، وفرصة لترميم ميزانيتك الشخصية وميزانية بيتك، لتجعله فرصة لإعادة النظر في بنود دخلك المختل بشكل مستمر والذي يسبب لك إزعاجا نفسيا وضغطا ماديا، لتجعل الشهر الكريم فرصة لتقليص النفقات، لا زيادتها كما يحدث حاليا، فرصة لإعادة النظر في النفقات غير الضرورية في حياتك والتخلص من العادات السلوكية المضرة للصحة والنفس والمال.

قد تسارع وتقول إن هذه النصيحة لا يمكن تطبيقها في شهر رمضان تحديدا، ولا تتناسب مع طبيعة الشهر الكريم، حيث يشهد إسرافا في كل شيء، في الأكل والشرب، وتزداد فيه الالتزامات المادية من عزائم وسهرات في المقاهي والخيم الرمضانية وغيرها، كما ترتفع فيه أسعار السلع، خاصة الغذائية، وهو ما يسبب إرهاقا لنفقات الأسرة.

لكن لو فكرت في الأمر بتأن تجد أن رمضان هو الفرصة الأمثل لإعادة النظر في تفاصيل نفقاتك وترشيدها، وربما الوصول إلى نقطة التعادل في الأشهر الأخرى، وبالتالي يغطي دخلك التزاماتك بما فيها الأمور الطارئة، مثل مصروفات المدارس والجامعات والخطوبة والزواج وغيرها من المناسبات العامة.


وحتى لا يكون الكلام إنشائيا، سأعطيك بعض النماذج التي يمكن من خلالها توفير النفقات وتخفيف العبء عن ميزانيتك الشهرية:

1- لتجعل شهر رمضان بداية للإقلاع نهائيا عن عادة شرب السجائر، وبالتالي تحقيق عدة مزايا منها مثلاً توفير ثمن علبة السجائر، ولك أن تحسب قيمة ما يكلفه لك هذا البند فقط خلال سنة، احسب علبة يوميا، يعني 365 علبة سنويا، اضرب الرقم في ثمن العلبة سنويا، ثم خلال سنوات عمرك، هنا تدرك أنك أمام مبلغ ضخم تصرفه على عادة ضارة، وهذا المبلغ يمكن أن يسد ثغرة مادية أو التزاما مستحقا عليك، سداد مصروفات مدرسية، تجهيز بنتك للزواج وغيرها.

2- الأمر الثاني الذي يمكن أن تحققه في حال الإقلاع عن التدخين هو الحفاظ على الصحة، وبالتالي توفير مصروفات الأطباء والأدوية، إضافة إلى الحفاظ على عنصر الوقت، فالوقت الذي تصاب فيه بمرض بسبب تناول السجائر يمكن أن تحوله لأيام إنتاج وعمل تدر عليك المال، وهذا من غير حسبان فاتورة الأطباء والأدوية.

3- نتناول وجبتين في رمضان فقط لا ثلاث، الإفطار والسحور، وبالتالي نوفر كلفة الوجبة الثالثة، وبالتالي لا داعي لزيارة المطبخ كل بضع دقائق، ولا داعي لأن تحول وجبتي رمضان إلى 5 وجبات: وجبتين رئيسيتين ومعهما 3 وجبات فرعية، أعط فرصة لمعدتك حتى لا تصاب بأمراض.

4- أكثر من شرب المياه واللبن خلال ليل رمضان لأسباب صحية وغذائية ومالية بحتة، وقلل من تناول العصائر، خاصة التي تحتوي على ألوان صناعية بكثرة، لمخاطرها الشديدة على الصحة العامة، لا داعي لتناول المشروبات الغذائية لأضرارها على الصحة وتسببها في أمراض منها السمنة وهشاشة العظام، وفر بند المشروبات الضارة ولك أن تتخيل كلفة هذا البند طوال حياتك.

5- لا داعي لأكلات الوجبات السريعة، كل الأطباء يحذرون منها وينصحون بتناول الوجبات المنزلية الخالية من الدهون والشحوم، لا داعي لكنتاكي وماكدونالد وغيره، أكلات أمك وزوجتك وبنتك أفضل منها مئات المرات، وفر في هذا البند واحسب كلفته طوال العمر.

6- ركز في الإفطار على تناول التمور، لاحتوائها على الألياف الضرورية المطلوبة لتحسين عملية الهضم، كما تعتبر غنية بفيتامينات البوتاسيوم والمغنيسيوم المفيدة للجسم، وفي المقابل قلل من تناول الحلويات والسكريات لأضرارها الصحية والمادية.

7- وأنت ذاهب لصلاة العشاء والتراويح، لا داعي لركوب التوك توك، لا تستسهل ركوبه، ولا داعي لقيادة السيارة إذا كنت متجها للصلاة في مسجد حتى ولو كان يبعد عن بيتك ثلاثة كيلومترات، تناول الإفطار، وبعدها مارس رياضة المشي، تهضم ما أكلت، وتحرك جسدك، وتحرق الدهون وتقلل الكوليسترول والسكر في الدم، وفي الوقت نفسه توفر مصاريف النقل، لا تقلل من أهمية هذه المصروفات، احسبها على مدى السنة هنا تدرك حجم المال الذي يمكن أن توفره والذي يكفي لسداد فاتورة المياه والكهرباء لمدة شهر.

8- إذا كنت معلقا زينة رمضان، لا داعي لإضاءتها طوال الليل، أو تركها حتى الصباح، البعض يكتشف أن الزينة وفوانيس رمضان مضيئة طوال 24 ساعة، فالأولاد انشغلوا ولم يقم أحد بفصل الكهرباء عنها، ولم يلحظ أحد بسبب ضوء الشمس، قد تضيئها لفترة بعد صلاة العشاء ولا داعي لذلك في الفترة ما بين المغرب والعشاء، لأنه لا أحد يلحظها، فالكل يكون منغمسا في تناول الإفطار، خفف الإنارة، وخفف معها من كلفة فاتورة الكهرباء، وينطبق ذلك على أمور كثيرة، منها التكييف وإضاءة مصابيح في غرف وأماكن لا يجلس فيها أحد.

9- قلل من شرب المنبهات كالقهوة، فربما يكون رمضان بداية للتخلي عن تناولها طول العام، ولك أن تتخيل كلفة تناول القهوة طوال العمر، خاصة إذا كنت تتناولها في مقار العمل أو على المقاهي.

10- لا داعي للسهر يوميا في الخيم الرمضانية، اجلس مع أولادك، تحدث معهم أو شاهد مسلسلات رمضان، هنا توفر كلفة الخروج والسهر وتزيد روابطك الاجتماعية بأسرتك، والأهم تستيقظ مبكرا لعملك ويزيد إنتاجك.

11- عندما تشتري احتياجاتك الغذائية من لحوم وسلع تموينية وغيرها اذهب للمولات الضخمة التي تمنح حسومات، ولا داعي لشراء كل احتياجات رمضان مرة واحدة، فالسلع متوافرة في رمضان والمحال التجارية موجودة، وإذا كنت في مدينة اشتر السلع من القرية المجاورة فقد تكون الأسعار أرخص، وأيضا تشجع أصحاب المشروعات الصغيرة.

12- إذا كنت تخطط لشراء ملابس العيد لأولادك، تحرك من الآن، لا تنتظر آخر لحظة، فكلما اقترب العيد كلما زادت الأسعار.

13- رمضان شهر العبادات لا شهر الرغي والكلام الكثير، درب نفسك على أن تستخدم الموبايل في أضيق الحدود، قلل من مكالماتك، لا داعي لأن تكون المكالمة بالساعة، اختصر وركز في الكلام، اجعل مكالمتك لمدة ثوان أو دقائق، ارسل رسالة بما تريد أن تقوله، استخدم وسائل الاتصال الحديثة، مثل الماسنجر وسكايب والواتساب وإيمو وغيرها، قلل من فاتورة موبايلك توفر الكثير طوال حياتك.

14- استفد من طبيعة شهر رمضان، قلل الغذاء، هنا قد تنكمش معدتك، وبالتالي تتناول بعدها كميات أقل من الطعام للشعور بالامتلاء، هنا لن أحدثك عن أمراض السمنة والقلب والسكري، ولن أحدثك عن شعورك برشاقتك ونشاطك وتحسن تفكيرك.
دلالات
مصطفى عبد السلام
مصطفى عبد السلام
صحافي مصري، رئيس قسم الاقتصاد في موقع وصحيفة "العربي الجديد".