هل نجحت القمة العربية الأوروبية الأولى في مصر؟

هل نجحت القمة العربية الأوروبية الأولى في مصر؟

03 مارس 2019
+ الخط -
استضافت مصر النسخة الأولى من القمة العربية الأوروبية، والتي تحمل عنوان "الاستثمار في الاستقرار"، بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء من 50 دولة عربية وأوروبية، وذلك يومي 24 و25 فبراير/ شباط الماضي.

أهداف القمة:

يشهد عام 2019 اهتمامًا أوروبيًّا ملحوظًا بالمنطقة العربية، فخلال شهر فبراير فقط، تم عقد العديد من اللقاءات الدبلوماسية، والتي كانت القضايا العربية في القلب منها، تمثلت هذه اللقاءات في مؤتمر وارسو ببولندا، ومؤتمر ميونيخ في ألمانيا، وأخيراً القمة العربية - الأوروبية في مصر.

وتمكن الإشارة إلى أهم الأبعاد التي تقف خلف انعقاد القمة العربية الأوروبية في:

1- البعد الأمني: حيث تحتل قضية اللاجئين والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا صدارة أهداف القمة، لما يمثله هؤلاء من ضغوط على الدول الأوروبية، سواء من إمكانية تسلل الإرهابيين من بينهم أو حتى على الأقل الضغط على سوق العمل الداخلي.

وبالتالي تسعى الدول الأوروبية إلى معالجة هذه المشكلة مع الدول العربية، خاصة أن نسبة الوافدين من المنطقة العربية إلى أوروبا تقارب الثلث وفقاً للمجلس الأوروبي. كما أن بعض الدول الأعضاء في الجامعة العربية تستضيف نسبة كبيرة من اللاجئين. فضلاً عما يتردد عن اتجاه أوروبي لاختيار بلد عربي أو أكثر لتوطين اللاجئين في مجتمعات صغيرة مؤقتة أو دائمة يمولها الاتحاد الأوروبي.


2- البعد الاستراتيجي: يسعى الأوروبيون إلى تثبيت الوجود الأوروبي في جنوب البحر المتوسط في مواجهة روسيا والصين، اللتين تسعيان إلى ملء الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأميركي من المنطقة. وفي هذا السياق، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن المنطقتين الجارتين يجب أن تعملان معاً في مواجهة "قوى دولية بعيدة عن منطقتنا". ولم يسمّ توسك هذه القوى، لكن مسؤولاً في الاتحاد الأوروبي أكد أنه يعني الصين وروسيا.

3- البعد الاقتصادي: على الرغم من أن هذا البعد كان يحتل المرتبة الثانية في القمة، بعد القضايا الأمنية، فلم تشهد القمة عقد صفقات اقتصادية أو الإعلان عن مشاريع استثمارية، إلا أن هذه القمة قد تكون مقدمة لعقد مثل هذه الصفقات والمشاريع، خاصة أن حجم التجارة بين أوروبا والمنطقة العربية يوازي نظيره لثلاث دول مجتمعة هي روسيا والصين والولايات المتحدة، ولهذا تحرص الدول الأوروبية على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية، خاصة في ظل الحروب التجارية الحالية بين أميركا والصين.

نجاحات القمة.. يمكن الإشارة إلى أبرز النجاحات التي حققتها القمة في:

1- تعطي القمة فرصة كبيرة لعقد مناقشات مباشرة بين الدول العربية والأوروبية لتقريب وجهات النظر المختلفة حول قضايا المنطقة، خاصة في ظل اقتراب انعقاد القمة العربية في مارس/ آذار الحالي في تونس.

2- شهدت القمة مستوى عالياً من الحضور الأوروبي، فقد شارك فيها 28 مسؤولًا من بينهم 20 رئيس وزراء ومستشاران (ألمانيا والنمسا)، ورئيس دولة (رومانيا)، الأمر الذي يشير إلى رغبة أوروبية بانفتاحٍ أكبر على الجوار العربي.

3- سمحت القمة بعقد العديد من اللقاءات الثنائية على هامشها من أجل مناقشة القضايا المشتركة بين الدولتين (وربما يكون ذلك هو الهدف من عقد القمة)، فقد عقدت اجتماعات ثنائية أوروبية - أوروبية مثل لقاء ماي وميركل، وماي وجوزيبي كونتي؛ لبحث اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من البريكست، ولقاءات أوروبية - عربية مثل لقاء ميركل مع الملك سلمان؛ لمناقشة موقف برلين من تصدير السلاح إلى الرياض، ولقاءات عربية - عربية مثل لقاء السيسي بالسبسي؛ لمناقشة قضايا الإرهاب.

وفي مؤشر على نجاح القمة، ورغبة الدول المشتركة في تكرار هذه التجربة فقد اتفق المشاركون على انعقاد القمة بآلية دورية كل ثلاث سنوات، على أن تعقد القمة الثانية في بروكسل عام 2022.

إخفاقات القمة.. تمثلت أبرز إخفاقات القمة في:

1- انخفاض الحضور العربي، فقد انحصر في حضور 12 زعيم دولة من أصل 22 دولة عربية، وتمثل أبرز الغائبين في العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، كما مثل دولة قطر مندوبها الدائم في الجامعة العربية (بدرجة سفير)، وانخفض مستوى تمثيل دولة الإمارات، فقد حضر الشيخ حمد بن محمد الشرقي، حاكم إمارة الفجيرة، بدلاً من الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي ورئيس الوزراء، أو الشيخ محمد بن زايد، نائبه وولي عهد أبوظبي، كما غاب الأمير السعودي محمد بن سلمان، الذى يعتبر الحاكم الفعلي للسعودية.

2- شهدت القمة خلافات حول البيانات المشتركة، فقبيل انطلاقها، فشل اجتماع وزراء الخارجية العرب والأوروبيين في بروكسل، في 4 فبراير/ شباط 2019، في التوصل إلى بيان مشترك حول أجندة القمة. كما شهد البيان الختامي للقمة أيضاً اعتراض السعودية والإمارات والبحرين ولبنان، بعدما أبدت هذه الدول تحفظاً على نقاط تخص الوضع في اليمن وسورية.

3- غياب الأطراف الفاعلة في قضايا المنطقة (أميركا - روسيا - إيران - تركيا) عن القمة، وهو ما يعني أن هذه الأطراف غير ملتزمة بما توصلت له القمة من نتائج، بل وربما العمل ضدها.

دلالات