التصعيد بين "إسرائيل" و"الجهاد الإسلامي"... الأسباب والتداعيات

التصعيد بين "إسرائيل" و"الجهاد الإسلامي"... الأسباب والتداعيات

03 مارس 2020
+ الخط -
شهد قطاع غزة جولة جديدة من التصعيد العسكرى بين "إسرائيل" وحركة الجهاد الإسلامي، 23- 24 فبراير/شباط الماضي، على إثر قيام تل أبيب بشنّ غارات جوية على قطاع غزة ودمشق أسفرت عن مقتل ثلاثة من عناصر الجهاد.

ولم تتوقف إسرائيل عند هذا الحد، فقد ظهر مقطع فيديو يظهر جرافة إسرائيلية تسحل جثمان أحد عناصر سرايا القدس (الذراع العسكرية للحركة)، ما أثار غضب الفلسطينيين على نطاق واسع، وسط دعوات بضرورة الرد والثأر.

ولتقوم حركة الجهاد بإطلاق مجموعة من القذائف والصواريخ على البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة. ولم تتوقف تلك القذائف إلا بعد نجاح كل من مصر وقطر والأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق للتهدئة بين الطرفين فى 25 فبراير الماضي.

أسباب التصعيد
1- رغبة نتنياهو في الفوز بالانتخابات: فقد أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من خلف تلك الضربات اغتيال قيادات من حركة الجهاد الإسلامي؛ عبر الظهور بمظهر البطل أمام ناخبيه، والقادر على استهداف قيادات المقاومة أينما وجدت سواء في قطاع غزة أو في دمشق.


خاصة أن نتنياهو كان يستهدف من خلف تلك الضربات القيادات العليا لحركة الجهاد، فقد أشار نتنياهو إلى أن "القصف على سورية كان يستهدف قياديا كبيرا في الجهاد الإسلامي واغتياله، لكنه نجا من العملية". وفيما لم يكشف عن هوية هذا القيادي، فقد أشار بعضهم إلى أن المقصود هو زياد النخالة، قائد الحركة، أو نائبه أكرم العجوري، أو الاثنان معًا.

2- التغطية على ضم مستوطنات الضفة: فالعملية العسكرية جاءت في إطار جذب انتباه العالم لقطاع غزة بدلاً من الحديث عن قرار الكنيست ببدء تنفيذ عملية ضم مستوطنات الضفة الغربية، بعد قيام لجنة ضم المستوطنات الإسرائيلية الأميركية برسم الخرائط الجديدة للضفة.. خاصة أن مسألة الضم تلك تواجه رفض عدد كبير من دول العالم، خاصة الاتحاد الأوروبي.

تداعيات التصعيد
1- إمكانية وقوع حرب شاملة: وهو ما ظهر فى تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين (رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو - وزير الأمن نفتالي بينت - وزير الطاقة يوفال شتاينتس)، بالذهاب نحو حرب واسعة في ظل تجهيز خطة جديدة للسيطرة على قطاع غزة بالكامل.

ولا يعني الإعلان عن التهدئة بين الطرفين أن الأمور أصبحت مستقرة. فمن المتوقع أن تسعى المقاومة إلى الضغط على نتنياهو من أجل الحصول على مزيد من التسهيلات لقطاع غزة، ما يعني إمكانية العودة مرة أخرى إلى إطلاق مزيد من القذائف والصواريخ على إسرائيل.

وفي المقابل، ففي حين أن إسرائيل تراجعت عن تنفيذ عملية عسكرية واسعة، إلا أنها قد تلجأ إلى تنفيذ عمليات اغتيالات لقيادات المقاومة، وهو ما ظهر في وجود أحاديث عن توقيف الاتصالات المصرية لقرار إسرائيلي بتنفيذ عملية لاغتيال كل من مروان عيسى القائد العام لكتائب القسام، ويحيى السنوار، مسؤول حماس في قطاع غزة وعضو مكتبها السياسي، وظهر أيضاً في تأكيد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بأن "إسرائيل لن تشن حرباً على غزة الآن، لكن عليها العودة إلى سياسة الاغتيالات".

وما بين عودة صواريخ المقاومة، وإعادة إسرائيل لسياسة الاغتيالات، فلا يمكن استبعاد وقوع حرب شاملة بين الطرفين، وهناك ترجيحات بوقوعها بعد الانتخابات الإسرائيلية التي تمت بالأمس.

2- تزايد الخلافات بين فصائل المقاومة: فهناك أحاديث عن وجود خلافات بين حماس والجهاد، وهو ما ظهر فى انكفاء الأولى عن المشاركة في جولة القتال الأخيرة. وهي المرة الثانية التي تلتزم فيها حماس الصمت، فقد سبق أن رفضت الحركة مشاركة الجهاد في التصدي للتصعيد الإسرائيلي، في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عقب اغتيال إسرائيل القيادي في حركة الجهاد بهاء أبو العطا. وما يدعم إمكانية تصاعد هذا الخلاف بين الطرفين أن هذا التصعيد من قبل الجهاد جاء بالتزامن مع نجاح مساعي التهدئة بين حماس وإسرائيل عبر الوسيط المصري.

3- تصاعد التنافس (المصري - القطري) على ملف التهدئة: يبدو أن هناك نوعاً من التنافس بين قطر ومصر حول من له اليد العليا والحق في السيطرة على ملف التهدئة بين إسرائيل والمقاومة خصوصاً والملف الفلسطيني عموماً.

فقد وجهت مصر، عقب جولة التصعيد الأخيرة، دعوة لقيادة حماس لزيارة القاهرة، وهي الدعوة التي قرأها بعضهم تعبيراً عن تصاعد القلق بشأن تعاظم الدور القطري في الملف الفلسطيني، في ضوء "احتضان" الدوحة للحركة، والمعونة الاقتصادية التي تقدمها لقطاع غزة، بخلاف الأنشطة الأخرى التي تقوم بها قطر في ما يتعلق بإعادة إعمار القطاع.

ومن الجدير بالذكر هنا، أن رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار كان من ضمن الوفد الذى استقبل السفير القطري إلى غزة أثناء زيارته الأخيرة لغزة. ويعتبر هذا هو الظهور الأول للسنوار بشكلٍ علني خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، إذ لم يستقبل وفد جهاز الاستخبارات المصرية الذي زار القطاع قبل أكثر من أسبوع.