هل تنجح المحادثات العسكرية بجنيف في حل الأزمة الليبية؟

هل تنجح المحادثات العسكرية بجنيف في حل الأزمة الليبية؟

24 فبراير 2020
+ الخط -
أعلنت البعثة الأممية في ليبيا أن خمسة من كبار الضباط الذين عينتهم حكومة الوفاق، وخمسة عينتهم القوات التابعة لخليفة حفتر شاركوا في محادثات عسكرية بجنيف، في 3 فبراير/شباط، يديرها المبعوث الأممي غسان سلامة، وذلك تحت إطار اللجنة العسكرية (5+5) التي أعلن عن تشكيلها فى مؤتمر برلين. فهل تنجح تلك المحادثات في التوصل إلى نتائج فعلية تسفر عن حل الأزمة الليبية؟

يمكن الإشارة إلى مجموعة من المؤشرات التي ترجح إمكانية نجاح تلك المحادثات منها:

1- إن القضايا الأمنية والعسكرية تمثل أساس الأزمة الليبية، وبالتالي فإن هذه المحادثات قد تنهي تلك الأزمة، خاصة بعد أن اتفق الطرفان خلال الجلسة الأولى من تلك المحادثات على تحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار.

2- إن تلك المباحثات، والتي شهدت موافقة حفتر على المشاركة فيها، تعكس وجود ضغوط دولية على جميع الأطراف الليبية من أجل العودة مرة أخرى إلى طاولة الحوار والتفاوض، وذلك بعد أن كان الطرفان يرفضان ذلك، ويتمسكان بالسلاح خياراً وحيداً.


وتمثلت أبرز المؤشرات على وجود تلك الضغوط الدولية في قرار مجلس الأمن بدعم مخرجات برلين ووقف إطلاق النار، ويعد هذا القرار هو الأول الذي يتخذه مجلس الأمن منذ بدأ حفتر هجومه العسكري على طرابلس في إبريل/نيسان 2019. أكثر من ذلك، فهناك ترتيبات لإرسال قوات حفظ سلام للمساعدة في تطبيق وقف إطلاق النار.

3- إن هذه المحادثات تأتي بالتزامن مع ترتيبات عسكرية داخل حكومة الوفاق لتحويل المليشيات العسكرية الموجودة داخل العاصمة إلى جيش وهيكل عسكري منظم. وهو ما ظهر في بحث وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوفاق صلاح الدين النمروش، في 2 فبراير، مع وفد أميركي يمثل مؤسسة جونز للاستشارات الأمنية والعسكرية، إصلاح المؤسستين العسكرية والأمنية في البلاد، وتطوير هذه المؤسسات على أسس علمية وفنية صحيحة.

وقد ظهر ذلك أيضاً في حديث رئيس أركان حكومة الوفاق محمد الشريف الذي أكد أنهم يقومون حالياً بضم من وصفهم بـ"المقاتلين والثوار" إلى صفوف الجيش كقوة احتياط.

ولكن هناك مجموعة من المؤشرات التي قد تؤدي إلى إخفاق هذا المسار منها:

1- إن اعتماد آلية اللجنة العسكرية المشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسة العسكرية هي آلية لم تحقق أي نجاح يذكر في السابق. فقد سبق أن اجتمع عسكريون من الطرفين في ستة اجتماعات متتالية برعاية مصرية في إطار ما تعرف بمباحثات توحيد المؤسسة العسكرية، ولم تتمخض تلك الاجتماعات عن أي شيء.

2- عدم نجاح اللجنة العسكرية المشتركة في الوصول إلى اتفاق واضح في جولتها الأولى، ما دفع البعثة الأممية إلى تحديد موعد لجولة ثانية يوم 18 فبراير. ومن المؤكد أن يكون هذا الفشل نتيجة اختلاف حفتر والسراج حول تحديد مناطق فض النزاع، فحفتر يصر على تثبيت وجوده في المواقع التي اكتسبها بعد حملته العسكرية على طرابلس التى انطلقت في إبريل 2019، بينما تتمسك حكومة الوفاق برجوع قوات حفتر إلى ما قبل تلك الحملة.

وإن كانت هناك أحاديث عن تراجع حكومة الوفاق عن شرط عودة قوات حفتر إلى مواقعها ما قبل يوم 4 إبريل/نيسان في هذه المرحلة، إلا أنها تصر على انسحاب تلك القوات بشكل نهائي من أحياء جنوب طرابلس، كشرط أول لاستمرار المحادثات.

3- إن خطوة إرسال قوات حفظ سلام لمراقبة وقف إطلاق النار بين طرفي الصراع تواجه إشكالية من سيتولى هذه المهمة في ظل وجود رغبة أوروبية للعب هذا الدور من أجل انتزاع الملف الليبي من تركيا وروسيا، وفي المقابل فإن تركيا وروسيا رعاة هدنة وقف إطلاق النار في موسكو ترى نفسها الأحق بهذا الدور.

بل هناك مؤشر على بداية وجود خلاف (تركي - روسى) حول هذا الأمر، فروسيا تطالب بأن تكون تلك المهمة تحت إشراف مجلس الأمن الذي تحظى فيه بحق الفيتو (ولا توجد فيه تركيا). بينما تطالب تركيا بأن تكون تلك المهمة تحت إشراف الأمم المتحدة باعتبار أنقرة عضواً بها، والأهم لعدم انفراد أوروبا وروسيا بتولي تلك المهمة.

4- استمرار الدعم العسكري الخارجي لطرفي الصراع الليبي، فقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، 4 فبراير، إلى استمرار وصول طائرات محملة بعتاد حربي إلى طرفي الصراع في ليبيا، وتحدث غوتيريس بالاسم استناداً إلى تقارير عن توريدات قادمة من الإمارات ومصر وعن قوات من تركيا ومرتزقة من السودان وأفراد من شركة عسكرية روسية خاصة "فاغنر".

5- في مؤشر على بداية انهيار هذا المسار العسكري، علقت حكومة الوفاق في 18 فبراير، مشاركتها في الجولة الثانية من المحادثات العسكرية بجنيف، بعدما قصفت قوات حفتر ميناء طرابلس البحري.