حياة صاحب القنديل... يحيى حقي (1)

حياة صاحب القنديل... يحيى حقي (1)

29 ديسمبر 2019
+ الخط -

أوائل القرن التاسع عشر، أقبل إلى مصر شابٌ من مسلمي المورة التركية يدعى إبراهيم حقي، كانت خالته السيدة حفيظة خازندراة قصور الخديو إسماعيل، وبواسطتها عُيِّن قريبُها الوافد في خدمة الحكومة المصرية؛ بدأ في دمياط، وتدرج في الوظائف حتى أصبح مديرًا لمصلحة في بندر المحمودية بمديرية -محافظة لاحقًا- البحيرة.

وظل أهل ذلك البندر يذكرون له -بعد وفاته بسنوات- صلاحه وتقواه وحسن خطه، وقد رزق إبراهيم حقي بثلاثة أبناء؛ محمد، ومحمود طاهر، وكامل، واستطاع أن يقتني مئة فدان. أساء الأبناء إدارة الأراضي التي ورثوها؛ فتبددت بعد حين ولم ينتفعوا بها، وتحولوا إلى موظفين لا يملكون ما يزيد عن الراتب الحكومي، وهذا من عوامل انطوائهم وعزوفهم عن المجتمع.

التحق الابن الأكبر -محمد إبراهيم حقي- بالأزهر الشريف سنوات عدة، ومنه إلى مدرسة فرنسية، لكنه لم يصبر على التعليم وآثر الوظيفة؛ فعمل بوزارة الأوقاف. لم تنقطع صلته بالقراءة، وكان مولعًا بالأدب العربي القديم، ويذكر أنه في بعض أيام الجمع تغيَّب الخطيب لظرفٍ ما، وتفرَّس الناس وجهه ولأنه معمم؛ فأصروا أن يخطبهم دون سائر الموجودين بالمسجد. وأمام إلحاحهم لم يجد مخرجًا من هذا المأزق إلا أن يتلو عليهم جزءًا من المقامة الصنعانية للحريري، يقول في مطلعه: "أيها السادر في غلوائه، السادلُ ثوابَ خُيلائه، الجامحُ في جهالاته، الجانحُ إلى خزعبلاته..."؛ فدُهِش المصلون لفصاحته وحضور بديهته، وإن لم يفهموا من الخطبة شيئا!

وكان الابن الأوسط -محمود طاهر- كأخيه الأكبر، لم يتم تعليمه بالمدارس، وأخذه حب التأليف والكتابة، وله رواية "عذراء دنشواي" التي نشرها مسلسلة سنة 1906 في صحيفته "المجلة الأسبوعية"، وبها كان أحمد شوقي ينشر بعض قصائده بأسماء مستعارة. عمل محمود طاهر كذلك سكرتيرًا للفرقة القومية منذ كان يديرها شاعر القطرين خليل مطران.


وفي المحمودية، كان من الطبيعي أن تتوثق علاقة عائلة حقي بأسرة "السيد حسين" وكيل مكتب البريد؛ فقد كان هو الآخر من أصل تركي، وزوجته أرناؤوطية (ألبانية)، وتطورت العلاقة إلى نسب؛ فتزوج محمد حقي من "سيدة" ابنة السيد حسين، وكان ثمرة هذا الزواج الميمون عددًا من الأبناء؛ (إبراهيم، إسماعيل، يحيى، زكريا، موسى، فاطمة، حمزة، صالح، مريم).

يأتي ترتيب يحيى حقي الثالث بين إخوته، وأبصر النور يوم 7 يناير/كانون الثاني 1905 في حارة الميضة، خلف مقام السيدة زينب في بيت من أملاك وزارة الأوقاف. كانت والدة يحيى شديدة التدين، مغرمة بقراءة القرآن الكريم وكتب الحديث والسيرة النبوية، واختارت أسماء أبنائها من صفحات القرآن؛ فإذا اقترب الوضع فتحت المصحف على أي صفحة، واختارت أول اسم يقابلها. وكثيرًا ما قرأت على أولادها صفحات من البخاري والغزالي ومقامات الحريري.

أما أبوه؛ فكان -كما أسلفنا الذكر- مولعًا بالأدب العربي، ومتيمًا بشعر أبي الطيب ويحفظ منه، وكثيرًا ما ألقى على أبنائه غُررًا من أبياته وقصائده في جلساتهم المسائية، وبلغ به نهم القراءة أنه كان يقرأ وهو يسير في الطريق، وقد عاد يومًا إلى بيته والدم يسيل من جبهته؛ لأنه ارتطم بعمود الترام وهو يقرأ في صحيفة.

في هذه العائلة المحبة للثقافة، نشأ يحيى حقي، وكان أخوه الأكبر قد هيأ لنفسه مكتبة تزخر بكتب العربية والإنجليزية؛ فكانت أول مكتبة دخلها يحيى في حياته، ومنها دلف إلى عالم القراءة والعلم. وقبل دخوله الجامعة كان قد تعرف إلى مصطفى لطفي المنفلوطي من رائعته "ماجدولين"، وقرأ شعر جبران خليل جبران، ثم قرأ في الأدب الإنجليزي لقامات كبيرة منها تشارليز ديكنز، روبرت لويس ستيفنسون، وآديسون وغيرهم.
كان عمه محمود طاهر على صلة وثيقة بأحمد شوقي –أمير الشعراء لاحقًا- فأتاح ذلك ليحيى أن يلتقي شوقي مرات عدة في محل "صولت" الحلواني بشارع فؤاد الأول -شارع 26 يوليو حاليًا- أو في بيته، وفي إحدى تلك المرات أعطاه شوقي قصته "أميرة الأندلس"، وهي مخطوطة؛ ليبدي فيها رأيه قبل النشر، يومها كان يحيى شابًا في السادسة عشرة، ويقول عن تلك الواقعة: "ومع ذلك فقد تجرأت ونقدتها بشيء من العنف، وكان ذلك غرورًا مني ندمت عليه في ما بعد".

بدأ يحيى تعليمه في كتاب السيدة زينب، ثم التحق -سيرًا على نهج إخوته- بمدرسة والدة عباس (والدة عباس باشا الأول)، وكانت مدرسة مجانية في أوقاف إلهامي باشا، وكان يلتحق بها أبناء الفقراء -والتحق بها أحمد أمين عميد كلية الآداب لاحقًا- بينما كان أولاد الغنى واليسار يتعلمون بمدرسة الناصرية. كانت مدرسة والدة عباس تخلع على تلاميذها حللا خاصة، مكتوب عليها اسم المدرسة بالقصب المذهب، وقضى حقي خمس سنوات تعيسة -وفق قوله- في المدرسة الابتدائية، وسيأتي الحديث عن ذلك.

رسب في السنة الابتدائية الأولى، ولم يرسب بعدها قط، ولكنه يذكر من حسنات تلك المدرسة أن الزعيم مصطفى كامل درَّس فيها، كما أنه تعرف إلى عدد من أصدقائه فيها، منهم محمد ذو الفقار الأخ الأكبر للفنان صلاح ذو الفقار، والنائب العام مصطفى حسن. أنهى دراسته الابتدائية سنة 1917 ومنها إلى مدرسة الإلهامية الثانوية في الحلمية -ومن طلابها عمر عبد الفتاح التلمساني، المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين لاحقًا- وفيها حصل على شهادة الكفاءة، ثم انتقل إلى المدرسة السعيدية فالخديوية وفيها نال شهادة البكالوريا سنة 1921، وكان ترتيبه الخمسين بين المتقدمين لهذه الشهادة.

كان يتمنى دخول كلية الطب، لكن خشيته من الرسوب في البكالوريا دفعته لترك القسم العلمي، وأن يؤثر القسم الأدبي، وبالتالي يتنازل عن حلمه في ارتداء البالطو الأبيض. التحق بمدرسة الحقوق العليا، وفي مدرسة الحقوق كان له عدد من الأصدقاء منهم الدكتور –لاحقًا- عبد الحكيم الرفاعي، وسامي مازن، وعبد الكريم أبو شقة، وبهجت حلمي بدوي. وراع انتباه حقي من بين كل الطلاب في مدرسة الحقوق العليا وجود شخص مختلف عن الجميع.

على قيد ذراع منه، يجلس شاب يختلف عن أقرانه من الطلبة. يرتدي هذا الغريب طربوشا قصيرًا جدًا، أسنانه غليظة، عيناه جاحظتان قليلًا، يجلس معتمدًا ذقنه على قبضة يده، نظراته شاردة، ذهنه سارح، بملابس نظيفة وقلما يكلّم أحدًا من زملائه.

قال حقي في نفسه: "هذا الشاب -ولا ريب- أحد أبناء المرفهين، يأتي للمدرسة لا يهمه أي شيء، سواء أنجح أم لم ينجح، يأتي للمدرسة للترويح عن النفس فحسب". بالرغم من ذلك، وجد حقي شيئا ما يجذبه لهذا الغريب، ومع ذلك لم يحاول التقرُّب منه أو التعرُّف إليه... كان اسم هذا الغريب توفيق الحكيم! لم يذكر مرةً أنه كاتب مسرحيات، أو أنه نشر عددًا من مسرحياته إبان مدة دراسته، أو أن الفرق المسرحية تتنافس على تجسيد أعماله بمسرح الأزبكية، آثر أن يعيش حياةً هادئة، وهذا ما أكسبه سحرًا خاصًا وتواضعًا بين الناس.
يقول حقي: "لقد خدعني توفيق الحكيم عن نفسه بصمته وحيائه وعزوفه عن الناس وتهيبه للغرباء". ولأن الشيء بالشيء يُذكر؛ فإن شخصًا آخر قد خدع يحيى حقي عن نفسه، وفي ذلك يقول: "ومن أساتذتي في مدرسة الحقوق الأستاذ المرحوم أحمد نجيب الهلالي... دخل علينا الفصل فحسبناه لنحافته وصغر سنه تلميذًا مثلنا، إن زاد علينا شيئا فبهذه النظارة السميكة التي تدل على إفناء بصره في القراءة... فما كاد يتكلم حتى انعقدت ألسنتنا وفُغرت أفواهنا إعجابا به، لقد هدم في درسه الأول كل ما بين أيدينا من كتب قديمة بالية بكلامٍ جديدٍ تشع منه الحياة".
في مدرسة الحقوق، تشبع بمبادئ الحزب الوطني، وكانت "اللواء" جريدة الأسرة المفضلة، ولم يمنعه ذلك من التعلُّق بسعد زغلول ومتابعة أحداث ثورة 1919 بحماسة شديدة. خرج مع أبيه وأخويه الكبيرين (إبراهيم، إسماعيل) إلى الأزهر أو بيت الأمة أو شادر مقام في ساحة فسيحة للاستماع إلى خطباء الثورة، بل وأصبحت الخطابة من بين اهتماماته.


هامشٌ بدَّد حلم "بلاد بره"
كانت المنافسة بين طلاب مدرسة الحقوق العليا حامية الوطيس، والجميع يحلم بفرصة للدراسة في أوروبا "بلاد بره" أو العالم الجميل، وكاد حلمه يتحقق لولا هامش! هامش في أحد كتب القانون عن الاتفاقية المصرية السودانية بشأن تسليم المجرمين، كان لهذا الهامش دور البطولة في الإطاحة بحلم السفر؛ فقد أهمل حقي ذلك الهامش، وكان موضع سؤال في الامتحان؛ فجاء ترتيبه الرابع عشر في الليسانس. سافر الأربعة الأوائل لبعثات خارجية، وبدأت رحلة حقي مع تراب الميري.

بعد ثمانية أشهر في ثوب المحاماة، لم تسفر عن شيء قط، ولم يغنم منها عميلًا واحدًا، استقر في نفسه أن المحاماة لن تسعفه، وعليه أن يبحث عن باب رزق جديد. انطوت العائلة على نفسها مع ضياع ثروتها، وتقوقعت حتى إنها لا تملك معارف ولا وساطات، وبعد جهدٍ جهيد وطول بحث وتنقيب عُيِّن ابنهم معاون إدارة، ولأنه مهيض الجناح ولا ظهر له؛ فقد اقتاده الحظ إلى أقاصي الصعيد، إلى منفلوط!

مع هذا البعد القهري عن حي السيدة زينب، والبون الشاسع بين القاهرة ومنفلوط، لكن حقي تكيَّف مع الوضع الجديد، حتى إنه ليعد عمله هناك من أجمل سنوات عمره. بدأ عمله في منفلوط مطلع يناير/كانون الثاني 1927، وامتدت رحلته في منفلوط لعامين، وإن وصف السنوات الخمس في مدرسة والدة عباس بالسنوات التعيسة؛ فإن الأمر يختلف في حديثه عن منفلوط.

يقول حقي: "وقد قضيت في مدرسة والدة عباس الابتدائية خمس سنوات تعيسة، وأؤكد لك أني لم أفهم الفرق بين الري الدائم وري الحياض إلا بعد أن تخرجت وتعينت معاون إدارة في الصعيد"، ويكرر ذلك في موضع آخر: "عملت معاونًا للإدارة في منفلوط سنتين، كانتا أهم سنتين في حياتي على الإطلاق"، ولتبرير أهمية هاتين السنتين يقول: "مرد الأمر إلى اتصالي المباشر بالطبيعة المصرية والحيوان والنبات؛ فقد كنت قبل ذلك لا أفرق بين القمح والشعير، ولا أعرف عن الريف سوى منظر الحقول كما يبدو من نافذة القطار".

ويسجل موقفًا طريفًا في منفلوط، مفاده أن الخديوي توفيق مرّ على منفلوط بالقطار، وخرج الأعيان لاستقباله بالمحطة ومعهم الشيخ أبو النصر شاعر منفلوط، واستأذن الخديوي في إلقاء قصيدة؛ فأذن له على مضض وهو يعلم أن القطار لن يطيل بالمحطة. بدأ أبو النصر قصيدته دون أن يلوح في الأفق للقصيدة نهاية؛ فقال الخديوي مقاطعًا: القصيدة كام بيت يا شيخ أبو النصر؟! فأجابه في لمح البصر: 99 يا أفندينا! فرفع الخديوي حاجبيه وقال مستنكرًا: وليه مخلتهاش 100 بيت! فرد بسرعة فاقت جوابه الأول: أصلي ناقصني بيت يا أفندينا! وفهم الخديوي مغزى الجواب ولطف التورية؛ فاستحسن جوابه وأقطعه بيتًا في منفلوط.

من منفلوط إلى السلك الدبلوماسي
بعد سنتين في منفلوط، وأثناء رقوده على سريره بعد العشاء، كان يقلِّب -دون قراءة- صفحات جريدة يومية؛ فوقعت عيناه على إعلان لوزارة الخارجية، وفيه تعلن الوزارة أنها ستعقد مسابقة، وأن الفائزين سيحصلون على وظائف أمناء المحفوظات في القنصليات والمفوضيات. لم يكذب خبرًا؛ فتقدم للمسابقة ونجح، وإن كان اسمه في ذيل القائمة، وفي مارس/آذار 1929، أسندت إليه الوزارة مهام العمل في القنصلية المصرية في جدة؛ باعتبارها أسوأ المناصب الشاغرة وقتذاك.

في جدة، قضى وقت فراغه في مكتبة القنصلية حتى قرأها عن آخرها، وفيها اكتشف تاريخ الجبرتي لأول مرة، وفتن به أشد الافتتان، ويقول عن الجبرتي: "لم أعرف كاتبًا أو مؤرخًا استطاع أن يصور روح الشعب المصري مثله، ومنذ ذلك الحين وأنا شديد الاتصال الروحي بالجبرتي، حتى لقد وقعت عددًا من مقالاتي الأولى باسمه... عبد الرحمن بن حسن... ومن أهمها ست مقالات عن (الدعابة في المجتمع المصري)، وكان الجبرتي مصدري فيها، ونشرتها في جريدة البلاغ".

في جدة اكتشف أنه لا يوجد شيء اسمه القنصلية المصرية في جدة؛ فالعلاقات مقطوعة بين البلدين. يقول:"ليس لنا قنصل في جدة، بل نائب قنصل، لا تعترف به السلطات الرسمية. وكانت مصر قد سحبت القنصل من زمن، أما الشيخ فوزان سابق -قنصل السعودية في القاهرة- فقد بقي بها، ربما لأن له خيولًا تجري في السبق، من دون أن تعترف به الحكومة المصرية!".

ثم يكمل: "كان نائب القنصل لا يدعى للحفلات الرسمية، وشأني شأنه طبعًا. وكنا إذا كتبنا لوزارة الخارجية السعودية مذكرة نتلقى ردها من وزارة الخارجية المصرية! تقول وزارة الخارجية المصرية: بالإشارة إلى مذكرتكم لوزارة الخارجية السعودية؛ فقد وصلنا ردها عليكم عن طريق الشيخ فوزان سابق (لاحظ الحرمان من اللقب الرسمي) وهو يفيد بكيت وكيت.. يعني: يا جحا ودنك منين!".

وكذلك كان الحال مع الشيخ فوزان، إذا كتب إلى وزارة الخارجية المصرية يتلقى الرد عن طريق وزارة الخارجية السعودية. ولكن ينبغي لي أن أشهد أن هذه القطيعة كانت قاصرة على السلطات الرسمية، وبقيت علاقة الناس فيما بيننا مشبعة بالود والإعزاز لا فرق بين رجال الحكومة وأفراد الشعب.

انتقل من جدة إلى اسطنبول سنة 1930، وفيها ارتدى القبعة لأول مرة، وتعرف على الأنواع المختلفة للقبعات، وأن لها علما وفنا وأن ما يصلح للنهار لا يصلح للمساء، واضطر لشراء ست قبعات. تعرف على فكر مصطفى كمال أتاتورك، وتعلم اللغة التركية على كبر؛ فقد كانت اللغة التركية في البيت مستخدمة فقط حال الغضب (فيقال مثلا: أدب سيس، خرسيس، سكتر بره). وأتيحت له مقابلة الشاعر عبد الحق حامد شكسبير تركيا، وكذلك الشاعر يحيى كمال.

بعد أربع سنوات في اسطنبول، نُقِل يحيى حقي إلى روما؛ فانتقل من ديكتاتورية أتاتورك إلى فاشستية موسوليني، وتعلم اللغة الإيطالية، وقرأ مسرحية موسوليني الوحيدة "مئة يوم"، وكتاب آخر لموسوليني أيضًا عنوانه "أخي أرنالدو". ولفت انتباه حقي أن موسوليني كان يكتب خطبه النارية بنفسه، وكان له طريقة خطابة تحفيزية مميزة، وزار ألمانيا وسمع هتلر، ثم عاد إلى مصر سنة 1939.

ما بين عامي 1939 – 1940، كتب قصة "قنديل أم هاشم"، وهذا موضوع الجزء الثاني من قصة يحيى حقي؛ فإلى لقاء قريب.