أتحبني؟!

أتحبني؟!

16 يناير 2019
+ الخط -
صرخ صديقي: جبارةٌ، فتاكةٌ، متمردة! وصاح الحاضرون وكأنما يواسون مفجوعًا: وحِّد الله يا عمدة! لا إله إلا الله! إنت كويس؟! وانفجر الصديق: يا أخي! ماذا تريد المرأة من الرجل؟ لا نزار قباني ولا كريم العراقي ولا كاظم الساهر فهموا المرأة، كأنها حالفة ميت يمين ما حد يفهمها، كل يوم أقولها أحبك أنتِ، وفي آخر اليوم تسألني: أتحبني؟! ما عندها زهايمر وأولادنا صغار لم تشغلها متطلباتهم، لكن هذا السؤال مقرر عليَّ يوميًا: أتحبني؟

وظننت لوهلة أن النكد ماركة مسجلة للمرأة العربية، لكنني كنت مخطئًا لأبعد حد؛ فالمرأة هي المرأة يا صديقي، في كل مكان وزمان، ولا أفهم كيف اجتمعت نساء العالم ووضعن قواعد التعامل مع الرجل بهذا المنطق، حتى الغلبان جيف بيزوس لم يسلم من نكد الست ماكينزي، فضلت تزن على دماغه ليل ونهار، وهي تسأله: بتحبني يا جيف؟ يقولها: والله العظيم بحبك!

أنا مليش في الدنيا دي غيرك يا ميكو، وهي تقول له: كلكم زي بعض، أنا ماما مش مطمنة لك ولا أنا مصدقاك، قلبي مش مستريح، طلقني يا جيف! ولم يجد أخونا جيف المسكين بدًا من النزول عند رغبتها، وكتبت على "تويتر": "بعد فترة طويلة من (محاولة المحبة).. قررنا الطلاق..".


يا أخي كل يوم يقولها بحبك ويدخل شايل ومحمل، ومع ذلك تفضحه على الملأ وتقول (محاولة المحبة)، ما الذي يرضي الجنس اللطيف؟ لو نعرف الإجابة عن هذا السؤال المعقد، لأنقذنا حياة جيف من الانهيار وانتشلنا الكثيرين من متاهة أحزانهم. عندها أوجمت الوجوه واغرورقت بالدمع الهتون، وسكن القوم كأن على رؤوسهم الطير، لكن صديقنا المحامي نظر إليَّ وتأهب لإلقاء كلمته، واستبشرنا به خيرًا؛ فهو أعلمنا بالقانون والمحاكم.

قال المحامي بعد وصلة من النحنحة: اسمعوا يا سادة! موقفكم ضعيف ويجدر بكم أن تخافوا، ومن خاف سلم، ولكم في جيف العظة والعبرة؛ فإن تفلسف أحدكم وظن أنه أبو العريف، فليتأكد أنه يتعامل مع صنف لا يعرف الرحمة، وهل أتاكم خبر ملك ماليزيا؟

الرجل الطيب فقد عرشه بسبب النساء، وبعد أقل من شهرين على زواجه من ملكة الجمال الروسية أوكسانا فويفودنيا، وبعد أيام ستنسى أوكسانا تضحية الرجل بالعرش لأجل عينيها، ثم تنظر إليه فاحصة مستقصية وتقول: أتحبني؟ ولا أدري كيف سيجيب عن سؤالها، ومن قبله تنازل إدوارد الثامن عن عرش بريطانيا ليظفر بواليس سيمبسون، بعد كل ذلك تسأل حواء: أتحبني؟ ومهما كانت إجابتك فهي في غير صالحك.

لم ينته المحامي من موعظته، وطرق على الحديد وهو ساخن: لا يتهور أحدكم ويقُل كلمة يندم عليها، وقد رأيتم ما يعانيه جيف، وفجعتم بنزول أخيكم عن عرشه؛ فما عندكم لتتازلوا عنه؟!

أيّ دليل يقنعهن بأننا نحبهن يا صديقي؟! لم يسمعن لكريم وهو يقول: من نحن من غير النساء؟ وطالبن بإثبات ملموس، ثم التفت إليَّ صائحًا: هل عندك وصفة ترشدنا إليها يا فلان؟ لقد حار دليلي وأرجو أن يكون عندك الحل لي ولأمثالي. وقبل أن أتفوه بكلمة، واصل صديقي حديثه وكأن لسانه نشط من عقال: بالحق! كيف تدلنا على الطريق وأنت غشيم في صنف الحريم، كل خبرتك نظرية ولم تخض تجارب عملية!

ووجدتني أتمثل بقول القائل: إن النساء رياحينُ خلقن لنا، والكلمة الحلوة تفتح مغاليق القلوب، ويمكن.. ولم أكمل جملتي، حتى أسكتني القوم وقالوا في نفس واحد: اسمع يا هذا! الكلام رخيص، والتجربة هي الحكم، و"اللي ع البر عوام"، وليس لها من دون الله كاشفة!

دلالات