النظام والإخوان في مصر... بين المصالحة والتصعيد

النظام والإخوان في مصر... بين المصالحة والتصعيد

12 نوفمبر 2018
+ الخط -
تصاعد خلال الأشهر الأخيرة الحديث عن مستقبل العلاقة بين النظام والإخوان، بين من يرى أن النظام يتجه إلى التصالح مع الجماعة، وأن الضغوط التي يمارسها النظام بحق الجماعة ما هي إلا محاولات لإجبار الجماعة على القبول بالمصالحة. ومن يرى أن النظام يستمر في التصعيد ضد الجماعة بغرض استنزافها والقضاء على أية محاولة لاستعادة فاعليتها وحضورها.

لمعرفة موقف النظام من المصالحة مع الجماعة، يجب الإشارة إلى مجموعة من التساؤلات الرئيسية:

1- ماذا يريد النظام من الإخوان؟ هل يريد حلها والقضاء عليها نهائياً أم هناك إمكانية للوصول إلى حلول وسط؟
يرى البعض أن النظام السياسي القائم لا توجد لديه رغبة حقيقية في التصالح مع الإخوان، وأن النظام يريد استسلاما وإذعانا من قبل الجماعة، و يبرر رأيه بمطالبة النظام للجماعة بمجموعة شروط من الصعب قبولها، تتمثل في حل التنظيم والتوقف عن ممارسة السياسة. خاصة أن قبول النظام للمصالحة، يعني أن القوى الأخرى المتحالفة معه لن تسمح له بذلك، حيث أن النظام لن يضحي بهذه القوى في مقابل التصالح مع الإخوان.


وعلى الجانب الآخر، يرى البعض أن النظام يسعى إلى التصالح مع الجماعة، مستخدماً سياسة العصا والجزرة، عبر أحكام الإعدامات والاعتقالات ومصادرة الأموال، ومن خلال الإفراج عن بعض القيادات الوسطى، والدعوة إلى المصالحة من قبل شخصيات محسوبة على النظام، حيث أن النظام يسعى إلى التخلص من قيادات الصف الأول بالجماعة سواء عن طريق الإعدام، أو تقليل الحكم إلى المؤبد، وتصعيد قيادات الإخوان الوسطى التي ربما تكون أكثر انفتاحاً على التحاور مع النظام، على عكس القيادات السابقة التي تصطدم بصورة مباشرة معه.

2- ما حقيقة فكرة وجود مراكز قوى داخل النظام تختلف فيما بينها في طريقة التعامل مع الإخوان؟
على الرغم من أن المعلومات عن هذه القوى لا تزال شحيحة. إلا أن هناك نقطة محورية تقربنا من معرفة هذه القوى المتصارعة داخل النظام، تتمثل في الأجهزة الأمنية المتمثلة بوزارة الداخلية والدفاع وجهاز المخابرات العامة.

فعندما يسيطر أحد هذه الأجهزة على الحكم تصبح علاقته مع الإخوان علاقة صراعية، بدرجة أقل من الجهازين الآخرين، فلما كانت المؤسسة العسكرية هي الحاكمة منذ 52 كانت العلاقة علاقة صراع قوى بين الإخوان وهذه المؤسسة، وفي عهد مبارك عندما كان جهاز أمن الدولة التابع لوزارة الداخلية هو المسيطر كانت علاقة الصراع بين هذا الجهاز والإخوان ظاهرة بصورة كبيرة. على الجانب الآخر يقوم أحد هذه الأجهزة بالتواصل، وربما التحالف مع الإخوان، وهو ما تمثل في التحالف بين الإخوان والمجلس العسكري في يناير، ربما لرغبة الجيش في تقليل نفوذ سيطرة وزارة الداخلية. ثم ما أثير عن وجود تواصل بين الإخوان وجهاز المخابرات العامة فيما بعد يونيو 2013، وربما كان الهدف هو تقليل سيطرة المؤسسة العسكرية.

3- كيف يسعى النظام إلى التواصل مع الإخوان؟.
يمكن الإشارة إلى وسيلتين أساسيتين؛ الأولى: التحاور مع القيادات في السجون. الثانية: إرسال رسائل سواء بالتصالح أو التصعيد من خلال مقربين للنظام. وبما أن التواصل مع القيادات في السجون لا تتوافر معلومات عنه، يبقى التركيز هنا على الوسائل العلنية التي تتمثل في رسائل النظام عبر شخصيات مقربة منه مثل عماد الدين أديب وياسر رزق.

وتبقى ملاحظتان حول مبادرات المصالحة بين النظام والإخوان:
الأولى: أن مبادرات المصالحة هي أشبه بالمبادرات الموسمية التي تحدث في أوقات معينة، وبالتحديد مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية، ظهر ذلك في انتخابات 2014، وفي انتخابات 2018 خاصة وأنه كان هناك مرشحون أقوياء عنان وشفيق، كان من الممكن أن تقوم الجماعة بدعمهما فى حالة استمرارهما فى خوض الانتخابات.

الثانية: أن النظام يقوم بالتصعيد ضد الإخوان، في الحالة التي يشعر فيها بوجود محاولات من قبل الجماعة للتواصل مع القوى السياسية المعارضة، وهو ما يظهر في تجاوب الجماعة مع دعوات الحوار ولم الشمل التي دعت لها قوى المعارضة في الشهور الأخيرة، بل وقامت الجماعة بطرح مبادرة هي الأخرى، وظهر فيها الحديث بصورة جيدة عن المؤسسة العسكرية في محاولة لاستمالتها، والقوى السياسية الأخرى، فيما يبدو محاولة من الجماعة لتوحيد صفوف المعارضة في مواجهة النظام الحاكم.