إعدام افتراضي

إعدام افتراضي

20 أكتوبر 2017
+ الخط -
"يا سيدي هذا عالم افتراضي، ولا يغير على أرض الواقع شيئًا، انتخبني الشعب الافتراضي زعيمًا افتراضيًّا لا أكثر ولا أقل، فلماذا أخضع إلى المحاكمة بتهمة غير موجودة في الواقع؟".
كان صوت فرج يرتجف احتقانًا، وهو يوجه صراخه إلى القاضي، بعد أن أحيل إلى المحكمة بتهمة "انتحال صفة الزعيم".
أما سبب المحاكمة، فيعود إلى أن فرج، المدمن على "فيسبوك"، فوجئ ذات يوم برهط من أصدقائه الافتراضيين، يرشحونه "زعيمًا للعالم الافتراضي"، على اعتبار أنه أنشطهم على الموقع.
وبالطبع، غمرت الفرحة فرج، الذي لم يشعر بأهميته يومًا، إلا في هذا العالم، غير أنه صدم في اليوم نفسه، حين فوجئ برجال المخابرات يقتحمون بيته، ويعتقلونه بأخطر تهمة على الإطلاق، ثم ليساق إلى المحكمة.
نظر القاضي إلى فرج بغضب، وقال:

"أيها المأفون، ألا تعلم أن زعيمنا، هو زعيم واقعي وافتراضي، صلاحياته لا نهاية لها، وأنت دمّرت خطًا أحمر لا تهاون فيه، لكن، على اعتبار أنك تدعي أن خطيئتك افتراضية، فسأحول هذه المحكمة إلى محكمة افتراضية، وسأفترض أنني حكمت عليك بالإعدام شنقًا".
ابتهج فرج لهذا الحكم "الافتراضي"، وخرج من المحكمة غير مصدق، أنه تلقى عقوبة لن تنفذ "واقعيًّا".
عمومًا، كان آخر ما تذكره فرج وهو يفتح "فيسبوك"، مرة أخرى، هو ذلك الحبل "الافتراضي"، الذي ضغط على عنقه حتى خرّ صريعًا على (أرض الواقع).

دلالات

EA8A09C8-5AE7-4E62-849E-5EBF1732C5FF
باسل طلوزي

كاتب وصحافي فلسطيني. يقول: أكتب في "العربي الجديد" مقالاً ساخراً في زاوية (أبيض وأسود). أحاول فيه تسليط الضوء على العلاقة المأزومة بين السلطة العربية الاستبدادية عموما والشعب، من خلال شخصيتين رئيسيتين، هما (الزعيم) والمواطن البسيط (فرج). وفي كل مقال، ثمة ومضة من تفاصيل هذه العلاقة، ومحاولة الخروج بعبرة.

مدونات أخرى