غامبيا... الحرب الأفريقية المقبلة

غامبيا... الحرب الأفريقية المقبلة

12 يناير 2017
+ الخط -


الرئيس الغامبي المنتهية ولايته والخاسر في الانتخابات الرئاسية يحيى جامع، 
يحذر دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إكواس) من التدخل في شؤون البلاد، ويتوعد بأن يرد الجيش الغامبي على أي عدوان خارجي.

وقررت دول" إكواس" في آخر اجتماع لها، فرض النتائج الانتخابية الأخيرة في غامبيا بالقوة، والتي سقط فيها يحيى جامع. 

كان الرئيس الغامبي يحيى جامع قد تراجع عن الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات  الرئاسية في غامبيا أمام نظيره زعيم المعارضة الغامبية أداما بارو . وطالب بإعادة الانتخابات الرئاسية في غامبيا. وكان الرئيس الغامبي قد اعترف قبل أيام قليلة بنتائج الانتخابات في البلد الأفريقي، وهنأ منافسه بالفوز في الانتخابات الرئاسية، في لفتة تاريخية فريدة في قارة اعتادت على الانقلابات العسكرية. 


كان لهذا الخبر وقع المفاجأة لدى كثيرين، خاصة أن الرجل صعد للسلطة بانقلاب عسكري وحكم البلاد بالحديد والنار منذ سنة 1994، أي ما يقارب اثنتين وعشرين سنة. 
فلماذا تراجع الرجل عن الاعتراف بالهزيمة؟ وهل تعرض لضغوطات؟

الحقيقة أن يحيى جامع هو زعيم أفريقي عسكري. والمعروف في العرف العسكري الأفريقي منذ سنوات التحرر والاستقلال، أن لا شرعية في البلدان الأفريقية إلا بأمر جيوشها وما يراه قادتها.. كما أن السلطة في القارة الأفريقية تدار بالهاتف القادم من السفارات الأجنبية، وخاصة السفارة الفرنسية التي لها في القارة السمراء باع وصاع وصولات وجولات، وتلك سنين الاستعمار والدول الأفريقية الفرانكفونية شاهدة على ذلك.


كما أن القادة الأفارقة عوّدوا شعوبهم على عدم احترام نتائج الانتخابات، كما اعتادت شعوبهم على تلاعبهم بها وبمصيرهم.. وليس يحيى جامع إلا جزءاً من ذلك النسيج الأفريقي المتكامل.. فهو انقلابي عسكري أصيل.. نظر عن يمينه فلم يجد قائداً أفريقياً احترم حق شعبه في الاختيار، والتفت شمالاً فلم يجد غير العواصم الأفريقية شبه المحتلة من جيوشها.. ولسان حاله يقول .. لماذا تحرمون علينا ما أُحلّ لنا من خيرات شعوبنا وزعاماتهم ؟ 

أليست العاصمة الغامبية بانغول، مثل بقية العواصم في القارة الأم التي اعتادت على حكم الدبابات والموت في سبيل حكم بلدانها؟.. في قارة هي الأكثر في العالم من حيث الانقلابات العسكرية، والتي يراها كثيرون من عوائق تقدمها لا تقل خطراً عن الأمراض المنتشرة فيها من الشمال إلى الجنوب.


يحيى جامع رئيس أفريقي مثل بقية الجنرالات رغم أنه يعد الأشرس والأعنف بينهم، فقد حكم غامبيا طوال عقدين من الزمن بالحديد والنار، ولم تشهد بلاده في عهده أي تقدم سوى انهيار التعليم وزيادة نسبة الفقر ورداءة البنى التحتية. ولم تتقدم غامبيا في عهده كما تقدمت بعض الدول الأفريقية رغم حكم الجنرالات لها مثل تشاد، بل زاد غضب شعبه عليه، وأكبر دليل هو أن الشعب الغامبي ملأ شوارع العاصمة الغامبية فرحًا وابتهاجًا بسقوط الجنرال العنيد يحيى جامع، وزاد الرجل من نسبة الفرحة والانتصار حين خرج معترفًا بهزيمته.


ولكنه عاد اليوم ليعكر صفو الجميع، لتعود حليمة الغامبية لعادتها الانقلابية القديمة.. حين أطل في تصريح رسمي عبر التلفزيون الغامبي، معلنًا رفضه نتائج الانتخابات الرئاسية، ومطالبًا بإعادة الكرّة مع زعيم المعارضة أداما بارو.


وما كل مرة - كما يعلم الغامبيون والأفارقة- تسلم الجرة، وقد جرب الجميع وعود الرئيس الجنرال وغيره من زعماء القارة الأفريقية، الذين لديهم طريقة واحدة في الصعود إلى السلطة، وهي محاصرة القصور والعواصم، وإعلان عزل الرؤساء المنتخبين، وكلهم في ذلك سواء؟ 

فإلى متى سيستمر الوضع في القارة السمراء الموعودة بالانقلابات العسكرية وبحكم الجنرالات؟

وكانت اللجنة العليا للانتخابات في غامبيا قد أعلنت غرة ديسمبر فوز زعيم المعارضة أدما بارو بالانتخابات الرئاسية في غامبيا بنسبة حوالي 45 في المائة، بينما لم يتجاوز يحيى جامع 36 في المائة.

والوضع في غامبيا مؤهل للانفجار ما لم يتراجع الرئيس يحيى جامع عن تصريحاته الأخيرة؛ فقد كانت غامبيا على مشارف انتقال ديمقراطي وتسليم للسلطة في قارة الدبابة والجنرالات..

 

D127B5A7-B6C4-4CC3-AB0D-021CE7601547
الشيخ محمد المختار دي

صحافي بفضائية القناة التاسعة وكاتب بمواقع عربية. حاصل على إجازة أساسية في علوم الإعلام والاتصال من معهد الصحافة بتونس، وعلى بكالوريوس أداب من جامعة نواكشوط، ومقيم في إسطنبول.