هل تستخدم إسرائيل السلاح النووي؟

هل تستخدم إسرائيل السلاح النووي؟

10 نوفمبر 2023
+ الخط -

خيارات جديدة فرضت نفسها على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي خلّفت (حتى اللحظة) أكثر من 12 ألف شهيد، بينهم حوالي 4 آلاف طفل، وعشرات الآلاف من المصابين والمفقودين تحت الأنقاض.. ووسط كلّ هذا الموت والدمار للشعب الفلسطيني، وخاصة سكان غزة، لوّحت إسرائيل بإمكانية استعمال السلاح النووي، بزعم إبادة حماس وعناصرها في القطاع المحاصر.

هذا الخيار في رأيي ينقل هذه الحرب إلى منعطف آخر، والذي بدوره سيعمل على إشعال منطقة الشرق الأوسط برمتها. فلماذا تلوّح إسرائيل بهذا السلاح في وقت تحقّق انتصارات داخل قطاع غزة باستمرارها في القصف غير المبرّر للبيوت، والمستشفيات، واستهداف المدنيين العزّل، وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها؟

لم أر في هذه الحرب إلا الدمار والخراب وغياب الإنسانية والعدل، فكلّ يوم يستشهد الفلسطينيون في غارات إسرائيلية جديدة على قطاع غزة ومخيّماته، مستهدفة المنازل والمستشفيات، ناهيك بخروج أكثر من نصف مستشفيات القطاع عن العمل.. فأين يُسعف الجرحى؟ وكيف تُنقذ الحياة؟

وسط الدعم الغربي، وخاصة الأميركي لتل أبيب، خرج الفلسطينيون من منازلهم التي دمرها الاحتلال، وتوجّهوا إلى مناطق شبه آمنة للاحتماء بها من نيران الحرب، ملوّحين بالرايات البيضاء، ومناشدين العالم أجمع الوقوف معهم، فهم لا يبغون إلا السلام والعيش في أمان. فهل تستجيب إسرائيل لذلك؟

لا أعتقد أن تستجيب إسرائيل لمطلب المدنيين الوحيد في غزة بوقف نيران الحرب والهدنة الإنسانية والعيش في أمان، وحقن الدماء بين الطرفين، لأنّها (إسرائيل) لا تريد سوى الحرب والسيطرة على كلّ شبر في فلسطين، على الرغم من أنّنا ندرك جميعا أنّ الحرب خسارة لأيّ طرف يدخل فيها، أو يدعم من بعيد.. فدماء الأبرياء في رقبة الجميع.

لا تريد إسرائيل سوى الحرب والسيطرة على كلّ شبر في فلسطين

شاهدت على صفحات الصحف العربية والمواقع الإلكترونية، اعتراض الدول العربية على التهديد الإسرائيلي بإمكانية استخدام السلاح النووي في الحرب على غزة، خاصة بعدما لمح وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، بشكل صريح، إلى احتمالية إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، من أجل القضاء على حماس وعودة الرهائن. فهل السلاح النووي هو الحل؟

تدعم الشعوب العربية فلسطين من قلبها، والدليل على ذلك المساعدات التي تدخل من معبر رفح المصري يومياً إلى قطاع غزة، وكذلك الإدانات العربية لما تفعله إسرائيل من مجازر في حق الشعب الفلسطيني خاصة، بعدما احتلت أرضه وقتلت الأطفال ورملت النساء.. لكن هذا الخيار النووي بالتأكيد سيشعل المنطقة ككل، فكيف تعارضه الدول العربية؟

الكويت كانت من أولى الدول التي انتفضت ضد الخيار النووي الإسرائيلي، إذ دعت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، المجتمع الدولي إلى ضرورة انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.. وهذا موقف عظيم جداً، ويؤكد ضرورة الجلوس إلى مائدة التفاوض، ووضع حد للتعنّت الإسرائيلي في رأيي المتواضع.

وأشيد وأثمّن موقف الكويت التي شدّدت على إخضاع منشآت إسرائيل النووية لنظام الضمانات الشاملة التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأبدت استغرابها من عدم صدور بيان من الوكالة بخصوص تصريح وزير إسرائيلي عن إلقاء قنبلة نووية على غزة، فهذا يدل على تبني حكومته سياسة التطهير العرقي الممنهج والعقاب الجماعي المخالف للأعراف والقوانين الدولية كافة.. ولا يخفى على أحد ذلك.

أما فلسطين من ناحيتها، فطالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية باتخاذ تدابير لتحييد تهديدات إسرائيلية باستخدام السلاح النووي ضدّ قطاع غزة، وهذا بالتأكيد خير دليل على صفاء النيّة للسلام وإمكانية بحث حل يرضي الطرفين بحل الدولتين والعيش في سلام.

تتبنّى إسرائيل سياسة التطهير العرقي الممنهج والعقاب الجماعي المخالف للأعراف والقوانين الدولية كافة

كما قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، في رسالة إلى مدير عام الوكالة الدولية الطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، إنّ "التهديد باستخدام الأسلحة النووية ضد دولة واحدة، هو تهديد لجميع البلدان، وبالتالي يتطلب اهتماماً عاجلاً من وكالة الطاقة الذرية وأعضائها"، داعياً الوكالة، وجميع الدول الأعضاء إلى إدانة التهديدات، التي توجّهها إسرائيل، واتخاذ جميع التدابير المتاحة لتحييد هذا التهديد الواضح لحق الشعب الفلسطيني والدول المحيطة به في الحياة.. فلماذا يترك العالم إسرائيل تقتل وتهدّد الجميع، وتنتقم، بل وتصفّي الشعب الفلسطيني، وتمحو القضية من التاريخ بقوة السلاح والدعم الأميركي لها؟

أيضا، أرى أنّ ما يؤكد موقف فلسطين للسلام، هو إبداء حماس نيّتها إجراء مفاوضات من أجل إطلاق سراح 12 رهينة، ووقف إطلاق النار في غزة، فهل تستجيب إسرائيل لذلك؟

وأخيرا نتساءل: أين موقف الولايات المتحدة من رفع المدنيين في غزة الرايات البيضاء وإبداء حماس نيّتها للتفاوض لإطلاق سراح المدنيين؟ فهل تتخذ إسرائيل "الرهائن" ذريعة لقتل كلّ من في غزة واحتلالها؟ ولماذا لا تقبل الجلوس إلى مائدة التفاوض؟ أين أميركا من كلّ هذا؟

مدونات أخرى