ماذا بعد حرب غزة؟

ماذا بعد حرب غزة؟

18 نوفمبر 2023
+ الخط -

لا يتوقع أكثر المتفائلين انتهاء الحرب على غزّة قريبًا، إذ على الرغم من دخول  الحرب على القطاع المحاصر يومها الـ43، يستمر القصف الإسرائيلي مع تواصل الاشتباكات في عدّة محاور، في ظلّ كارثة صحية وإنسانية يشهد عليها العالم برمته.

في رأيي، تشير التوقعات إلى عدم انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة إلا بعد أن تحوّلها تل أبيب إلى ركام ورماد، وتقتل كلّ من فيها بوحشية. لمَ لا؟ وهي أكثر دولة دموية وعدوانية في العالم، إذ لا تستجيب لأيّة هدنة إنسانية، ولا تقف عند حل سياسي يحقن دماء الفلسطينيين.. لذا لا مفر من مسلسل القتل والضرب والتفجير والتهديد والتهجير للشعب الفلسطيني الأعزل.

إسرائيل كما نعرف جميعاً، ترفض دائمًا المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار في غزة، أو أيّة هدنة إنسانية، أو حتى وجود قوات حفظ السلام، حيث قصفت بلا هوادة جميع المواقع الفلسطينية في قطاع غزة بـ 12 ألف غارة جوية وقذيفة مدفعية، هذا بخلاف القوات البرية التي تقتل دون رحمة بزعم البحث عن حماس، وتشدّد الحصار على أهل غزة وأطفالها من أجل التهجير لتحويل غزة إلى مستوطنة جديدة لها.

الأزمة الإنسانية في قطاع غزة كما نشهدها جميعا ويشهدها العالم، أجبرت الأهالي على ترك بيوتهم والهجرة إلى مناطق شبه آمنة، فلجؤوا إلى المدارس للاحتماء فيها من نيران العدو المحتل وحصاره الذي لم يتوقف.. ولكن ماذا بعد حرب غزة؟

تهدف إسرائيل إلى التخلّص من آخر مواطن فلسطيني حتى يخلو لها الجو على أرض الزيتون تماماً

أتوقع ألا تنتهي الحرب على غزة، حتى وإن أبدت حماس موافقتها على تسليم الرهائن الإسرائيليين، لأنّ سياسة إسرائيل هي بكل بساطة الاحتلال والعدوان والقتل بلا هوادة، وتاريخ هذا الاحتلال البشع يدل على عدم اكتفاء إسرائيل من دماء الفلسطينيين بعد، فهي تهدف في الأساس إلى التخلّص من آخر مواطن فلسطيني حتى يخلو لها الجو على أرض الزيتون تماما.

المستقبل في غزة غير معروف بعد، لأنّ غزة لم تعد غزة التي عهدناها، تحوّلت إلى ركام وأحجار وهجرها أهلها بعد أن استنجدوا بكلّ الدول العالمية والمنظمات الحقوقية، بل والأمم المتحدة من بطش إسرائيل، دون أن ينصفهم أحد.

في رأيي المتواضع، ليس هناك حل سوى الحل السياسي بين الطرفين، لأنّه، وعلى الرغم من تسجيل غزة خسائر بنسبة 100%، تسجل إسرائيل أيضا خسائر ولو بنسبة 1%، لأنّ من قواعد الحرب "أن الجميع خاسرون".

ما يحتاجه الاحتلال الإسرائيلي فعلياً، هو وقف إطلاق النار وإبداء نيّته الجلوس على مائدة الحوار مع حماس، ورفع يده عن سلاح القتل والتخريب والدمار والتهجير، وهذا لسبب بسيط، يتمثل باستمرار المقاومة الفلسطينية في القصاص من تل أبيب، وتوجيه ضربات (حتى وإن كانت عشوائية غير منظمة) إلى مستوطنات إسرائيلية، فهذا يسبّب فزعاً لهم، بجانب تأثيره الكبير على اقتصاد الاحتلال.. ولكن لمن نقول هذا الكلام، وما زال الاحتلال "ينشف رأسه"، ويصرّ على التمسك بآلة الإبادة الجماعية لشعب فلسطين.

تابعت خبراء سياسيين من مختلف دول العالم، يدلون بآرائهم عن مستقبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ويجزمون أنّ آلية التهدئة ووقف إطلاق النار هي الحل الأمثل للطرفين، لكن تل أبيب مازالت تتبع نهجها السادي في فلسطين حتى تبيد الشعب، لذا توّقعوا أن يكون هذا الصراع طويل الأمد في حين سيكون أفضل سيناريو هو تسوية تفاوضية، لكن لا ترغب إسرائيل في ذلك على الرغم من تلويح حماس الأسبوع الماضي بنيتها في التفاوض.

الجيش الإسرائيلي يقصف المستشفيات والمساجد بزعم تدمير قواعد حماس، ويدّعي دخوله أنفاقاً جديدة أسفل غزة قد تقوده إلى الرهائن أو الأسرى الإسرائيليين، هذا بخلاف القنبلة النووية التي أبدى وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، نيّة بلاده التفكير في إلقائها على غزة. فأين الإنسانية هنا؟ وأين الضمير العالمي؟ وأين المنظمات الحقوقية العالمية التي تصدعنا بدفاعها عن حقوق الإنسان، بل والحيوان؟ وإلى متى ستسمر الحرب؟

في النهاية، دعني أسأل نتنياهو: هل حقّقت إسرائيل أهدافها في غزة؟ هل تمكنت من إعادة الرهائن؟ هل مازال اقتصادكم ينعم بالانتعاش؟ هل ما زلت تتلذّذ بدماء أطفال فلسطين؟ ألن ترفع يدك عن سلاحك الدموي هذا؟