نعم... انتصرت قطر على المستحيل

نعم... انتصرت قطر على المستحيل

17 نوفمبر 2022
+ الخط -

في زمن ليس ببعيد، كان فيه مجرد التفكير بإقامة كأس العالم في بلد عربي، أيًّا كانت إمكانياته، ضربًا من ضروب الخيال، نظرًا للصورة النمطية المترسخة في أذهان العالم، وخاصة الغرب، عن الشرق الأوسط، فهي بنظرهم دول غارقة في الحروب والصراعات الداخلية، ترزح شعوبها تحت وطأة الفقر والتخلف والجهل، دول مغلقة ترفض الاختلاف ولا تتأقلم مع الغرباء، صحراء ممتدة، وكأن الشمس تسكن في بيوتها.

وبسبب استسهال المجتمع الدولي لتلك الصورة الظالمة كتم صوت العرب في "فيفا"، وحرموا لسنوات طويلة من فرصة تنظيم كأس العالم، إلى أن بزغ فجر اليوم الموعود وسمع العالم صوت دولة قطر يصدح وبكل ثقة، مطالبًا بإعطائها الفرصة لتنظيم البطولة، حيث ذهل الجميع لدولة عربية صغيرة محدودة المساحة لا يتعدى عدد سكانها مليوني نسمة تنظم كأس العالم، أي جنون هذا! وأطلق المتهكمون ألسنتهم بالنقد، في محاولة لتهبيط العزائم واستمروا بطرح التساؤلات في دولة صغيرة المساحة، أين سيتم بناء الملاعب؟ والجماهير المتعطشة لحضور البطولة كيف ستوفر لهم قطر إمكان الإقامة؟

ونظرًا لانخفاض عدد السكان، فهناك حتمًا نقص في الموارد البشرية من كوادر أمنية لحماية الملاعب، وأيدٍ عاملة بكل المجالات؟ وكان جوابهم شفاء لغلّ صدورهم أو إرضاء لمحدود تفكيرهم، إنهم قوم حالمون وغدًا سيستيقظ العالم كله من هذا الحلم السخيف، وإن غدًا لناظره قريب.

 وجاء الغد، ومن قنوط المستحيل تولدت طاقة الإنجاز، وأصبحت واقعًا مذهلًا يكاد من هول روعته وإتقانه أن يتعدى حدود المعجزة، وفرض الإنجاز سطوته على الأرض وأسكتت ألسنة كل المشككين والمتهكمين، وبفترة وجيزة، ونتيجة العمل الدؤوب، استطاعت قطر تجهيز كافة الملاعب ومرافق التدريب والمناطق المخصصة للمشجعين بتكنولوجيا للتبريد بالطاقة الشمسية للحفاظ على درجة حرارة معتدلة، مع العلم أن جميع الملاعب صديقة للبيئة مع إمكانية التحكم في درجة الحرارة. ثمانية ملاعب تحاكي كل الحضارات، تصاميم دمجت بين التكنولوجيا إلى أقصى أبعادها وإمكانياتها والتاريخ بجذوره العربية الممتدة إلى أعماق الأرض التي احتضنت كل الحضارات وكل البشر من كافة الأصول والأديان والمنابت، وعند الامتحان وعندما اقترب الاستحقاق الكبير، توحد الدم العربي من المحيط إلى الخليج وشد العرب أزر بعضهم بعضًا، وبهذا أزاحت قطر آخر العقبات أمام نجاح تنظيم البطولة التي كانت في يوم ما حلمًا بعيد المنال.

سيشاهد العالم افتتاحًا ساحرًا وتنظيمًا يفوق كل التوقعات
نعم استطاعت قطر بقيادتها الحكيمة الممثلة بصاحب السمو تميم بن حمد آل ثاني، القفز عن الحواجز والعراقيل أمام تحقيق تنظيم البطولة، وها هي دولة قطر تصبح أيقونة العالم ومحط قلوبهم، والحلم الذي يتمنى كل عشاق الكرة أن يتحقق لزيارتها وحضور المباريات من على مدرجاتها. كرة القدم تأتي هذا العام بنكهة عربية خليجية، بطعم القهوة العربية، برائحة الهيل، وعبق البخور والطيب. كأس العالم هذا العام تأتي بفخامة الثوب العربي الأبيض الناصع، والشماغ العربي المملوء بالعز والفخر، والعباءة العربية على أكتاف الرجال.

كأس العالم هذا العام تأتي، يا سادة يا كرام، بأصالة اللغة العربية الفصيحة الصريحة الحرة سيدة اللغات وملكة الأرض، بشعرها الفصيح يعانق آفاق السماء، وكأس العالم هذا العام، يا سادة، كريمة بامتياز. نعم سيشاهد العالم افتتاحا ساحرًا وتنظيمًا يفوق كل التوقعات لأن قطر بلد عربي خليجي مضياف، والعربي يكرم ضيفه وبالخير يجود ولو أعطى كل ما يملك. نعم كرة القدم هذا العام برائحة الخير والكرم.

 كأس العالم هذا العام يا سادة فخمة بفخامة المكان والعنوان والأرض والقيادة، ومن قلب مملكة الهاشميين مرورًا بكل العالم العربي سترحب بكم ككل القلوب العربية، وتقول لكم أهلًا وسهلًا بكم في قطر.