لبنان: حكومة جديدة أم فراغ شامل؟

لبنان: حكومة جديدة أم فراغ شامل؟

31 مايو 2022
+ الخط -

ينتظر المجلس النيابي الجديد تحديات عدة وأساسية، أبرزها انتخاب رئيس للمجلس، ويبدو أنّ الأمور ذاهبة لإنجاز هذا الاستحقاق، وإن كان في ظل نوع من الضغط والضغط المقابل. أما التحدي الأكبر اليوم أمام المجلس، فهو تسمية رئيس للحكومة الجديدة، الذي يبدو أنّه سيكون صعباً في ظل الانقسام السياسي القائم.

ويبدو أن الأمور معقّدة جداً في ملف الحكومة، سواء لناحية تسمية الرئيس المكلف، أو شكل الحكومة، في ظل توزع موازين القوى داخل المجلس النيابي بين مجموعة كتل نيابية ومستقلين وقوى تغييرية، ومن غير المرجح حتى الآن التفاهم على شخصية واعدة وواحدة لتشكيل الحكومة المقبلة.

ولا بد من الإشارة إلى أن نتيجة توزع القوى داخل المجلس النيابي، وعدم حصول أي فريق على الأكثرية المطلقة، ولوجود ضبابية حول الشخصية التي يمكن أن تكلف تشكيل الحكومة الآن، وفي ظل عدم وجود شخصية سنية بارزة يمكن أن تقوم بهذا الدور، يحكى في الكواليس السياسية عن أسماء كثيرة قد تكلف هذا المنصب.

لو تمت الاستشارات النيابية الملزمة وتم تكليف شخصية لتشكيل الحكومة المقبلة، فإنّ هذه الوظيفة والمهمة لن تكون سهلة على الإطلاق في ظل التناقضات القائمة

قبل الانتخابات، كان الحديث عن أن الشخصية السُّنية التي يمكن أن تكلَّف تشكيل الحكومة، هي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. ولكن اليوم، يبدو أنه حتى القوى التقليدية (أحزاب السلطة)، وخاصة بعد الخلاف الذي ظهر إلى العلن بين ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض، وبالتالي فإن التيار الوطني الحر وفريق رئيس الجمهورية، سترفض عودة ميقاتي. أضف إلى ذلك أن القوى التغييرية تتهم الرئيس ميقاتي بأنّه جزء مما تسميه "منظومة الفساد"، وبالتالي لن تصوت له في حال طرحه. كذلك فإن بعض القوى (القوات والاشتراكي) مختلفة فيما بينها على الاسم، وغير متفقة على ميقاتي.

في المقابل، يتحدث مراقبون عن رغبة القوات اللبنانية وبعض النواب السُّنة بتسمية النائب اللواء أشرف ريفي، وخاصة بعد الفوز الذي حققه في الانتخابات النيابية في دائرة الشمال الثانية. بل أكثر من ذلك، هناك معلومات عن مفاوضات تُجرى بعيداً عن الأضواء، لإنجاز صفقة بمقايضة رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب، بين بري وريفي، بالاتفاق مع حزب القوات اللبنانية والاشتراكي (بالتفاهم مع بري طبعاً)، ولكن لا شيء مؤكد حتى الآن. لكن لا بد من الإشارة إلى أن شخصية اللواء ريفي مرفوضة من الفريق الآخر، لأنّها تثير نوعاً من التوتر والصدام لهذا الفريق. كذلك يدور في الكواليس اسم السفير نواف سلام، لكنّ حظوظه قليلة، وخاصة في ظل عدم قبوله من قبل فريق ما يُسمى "الثامن من آذار".

أما بالنسبة إلى التغييرين والمستقلين، فقد يتجهون لتسمية شخصيات ووجوده جديدة. وهناك بعض الأسماء التي بدأت تلمع في الصالونات السياسية، كالنائب حليمة قعقور، وعبد الرحمن البزري. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ حظوظ الدكتور البزري قد تكون أكبر من غيره، خاصة أنّه أدى دوراً مهماً في أثناء أزمة كورونا من خلال رئاسته للجنة الوطنية لمكافحة كورونا، ويعتبر شخصية مقبولة ويتمتع باستقلالية، كذلك فإنّه على تواصل مع جميع الأطراف ومحل ثقة، سواء الاستقلاليون أو التغييريون، أو فريق الثامن من آذار، أو فريق ما كان يعرف بـ 14 آذار.

فيما لو جرت الاستشارات النيابية الملزمة، وكُلِّفَت شخصية لتشكيل الحكومة المقبلة، فإنّ هذه المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق، في ظل التناقضات القائمة، والمواقف التي ما زالت على حدتها من قبل الأطراف تقريباً، ولن يكون سهلاً على أي شخص تشكيل الحكومة بسلاسة وسرعة، في حين أن لبنان بحاجة حقيقية اليوم لحكومة بأسرع وقت للعمل من أجل حلحلة الأزمة الاقتصادية والمعيشية وتأمين الموارد المالية للتخفيف من الأعباء على كاهل المواطن اللبناني، والدخول في مفاوضات مع الدول المانحة وصندوق النقد الدولي، وإلا فإنّ الفشل يعني المزيد من المراوحة والانهيار الذي ينذر بفوضى وانفجار اجتماعي.