عرب بريطانيا والعمل المشترك

عرب بريطانيا والعمل المشترك

17 يوليو 2023
+ الخط -

انعقدت في لندن الشهر الماضي أعمال جلسة تشاورية لعدد من ممثلي الجالية العربية والمسلمة في بريطانيا، من نخب وأكاديميين وصحافيين وناشطين، للبحث في التحديات التي تواجههم، والفرص المتاحة أمامهم، باعتبارهم مواطنين بريطانيين، وكتلة لها وزن انتخابي معتبر وحضور في مختلف مناحي الحياة، ووجود كبير عقب موجات الهجرة بمختلف أنواعها ومراحلها إلى المملكة المتحدة.

هذه الورشة التي عُقدت بدعوة من موقع "عرب لندن" المختص بأخبار الجالية وأنشطتها، و"منتدى التفكير العربي"، وهما منصتان تعنيان بالنشاط العربي في بريطانيا، أكدت الحاجة الماسة للتشاور والتحاور بين أبناء الجالية، واجتماعها تحت سقف واحد، لمحاولة استشراف معالم عمل مشترك بينها.

بات ضرورياً في ظل التحولات العديدة في السنوات الأخيرة، والتي زادت من حجم وجود العرب في بريطانيا وعموم أوروبا، وتحول المجتمع العربي لمجتمع أصيل وليس طارئاً، وكأقلية أو جالية أو مواطنين من أصول عربية، فإنه ينبغي أن يكون هناك بحث في قضايا هذا المجتمع، وإقامة مؤتمر سنوي يجمع أفراده على طاولة واحدة، يبحث فيه العرب قضاياهم ويضعون أولوياتهم، ويؤسسون لاجتماع سنوي، لعله يكون لبة أولى في تشكيل لوبي عربي يفضي لمبادرات عملية، كما ترسل مخرجات هذا المؤتمر السنوي للأحزاب والسياسيين وصناع القرار في المملكة المتحدة.

تقديري أن الجالية العربية والمسلمة بحاجة لمؤتمر عربي سنوي جامع، يحاول ما استطاع إلى ذلك سبيلاً جمع العرب من جميع الجنسيات والأطياف والانتماءات والخلفيات تحت مظلة واحدة

مناقشات هذه الورشة تمخضت عنها عناوين عديدة مقترحة للبحث والدراسة، أكدت الحاجة الملحة لتنظيم مؤتمر يبحث فيها، فمن الاندماج الإيجابي بمقابل الذوبان، إلى الاشتراك في الحياة السياسية ومحدداته، مروراً بمسائل الجيل الثالث والرابع والحفاظ على الهوية، إلى قضية تأسيسية، وهي إحصاء عدد الجالية العربية والمسلمة، وصولاً لتشكيل لوبي عربي حقيقي ومؤثر. كلها قضايا أثيرت واقترحت كمواضيع بحاجة أولاً لبحث وسبر لأغوارها، ثم التأسيس على مخرجات هذا البحث.

قضايا عديدة ملحة تحتاج الجالية وأبناؤها لبحثها بأنفسهم، منها ما أشار له عمدة ويستمنستر السابق حمزة توزال، البريطاني من أصول مغربية، وهي كيفية تحفيز الشباب على الاشتباك في الحياة السياسية وخوض غمارها مبكراً. ويعد حمزة مثالاً على ذلك، فهو أول عربي مسلم يصل لمنصب عمدة ويستمنستر ولم يتجاوز 22 عاماً.

تقديري أن الجالية العربية والمسلمة بحاجة لمؤتمر عربي سنوي جامع، يحاول ما استطاع إلى ذلك سبيلاً جمع العرب من جميع الجنسيات والأطياف والانتماءات والخلفيات تحت مظلة واحدة، فثمة طاقة كبيرة يمكن العمل على استثمارها. العرب اليوم موجودون في مختلف مناحي الحياة في بريطانيا وقطاعاتها الحيوية المختلفة، من أطباء ومدرسين وصحافيين وناشطين وعمال وأصحاب أعمال، وأبناؤهم من مواليد هذه البلاد ومستقبلهم فيها، وكلمة السر برأيي لكل هذا تكمن في تنحية كل الخلافات التي تعصف ببلدانهم التي جاؤوا منها، وألا يحملوها معهم، والاشتغال على المشتركات، باعتبارهم جميعاً جالية واحدة، لها همومها وتطلعاتها، وما يجمعها أكثر مما يفرقها، وحتى لو لم تجتمع كلها، فإن هذه مبادرة لتحريك المياه الراكدة، والبدء بعمل عربي حقيقي، والبناء عليه، وتوفير منصة سنوية يجتمع العرب تحت مظلتها ويعقدون مؤتمرهم في كنفها، دون قيد أو شرط.

أسئلة عديدة برسم البحث: وهي كيفية المزاوجة بين أن تكون مواطناً بريطانياً وعربياً؟ أن تندمج دون أن تذوب؟ بين أن تكون أولوياتك منطلقة من خدمة مجتمعك العربي في بريطانيا، وبين أن تدعم قضايا بلدانك الأصلية؟

معادلات تحتاج أولاً لنقاش وحوار، وقبل ذلك قناعة تامة بحتمية البدء بالعمل.

C2A96DF8-EEBE-40B9-B295-1C93BEABA19C
محمد أمين
كاتب وإعلامي فلسطيني مقيم في لندن، أكمل الماجستير في الإعلام في جامعة برونل غرب لندن.عمل صحافياً ومنتجاً تلفزيونياً لعدد من البرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية لصالح عدد من القنوات العربية والأجنبية، يكتب حالياً في شؤون الشرق الأوسط ويختص في الشأن الفلسطيني.