اللغة العربية محظوظة بالإسلام؟

اللغة العربية محظوظة بالإسلام؟

27 ديسمبر 2022
+ الخط -

دائماً ما تستوقفني العلاقة الوثيقة بين دين الإسلام واللغة العربية. فلا يمكن مَن يعتنق الإسلام أن يتعبد إلا باللغة العربية. إذاً، فهما قرينان لا ينفصلان أبداً.

لكن تُرى مَن تأثر بمَن؟ ومَن رفع مَن؟ هل اللغة العربية هي التي رفعت الإسلام أم العكس؟

يقول العالم اللغوي الكبير ديفيد كريستال في كتابه "موت اللغة": "تموت اللغة عندما لا يتكلمها أحد أبداً". ولكي تبقى "اللغة حية"، يجب ألّا يقل عدد الناطقين بها عن 500 متحدثٍ. وحسب بعض الإحصائيات، فإنه لم يبق فقط إلا 600 لغة، من مجموع 6000 لغة تقريباً في العالم، تعتبر في "مأمن" من الانقراض، فاللغة تنقرض عندما لا يبقى أحد ينطق بها.

وذكر تقرير لمعهد "بيو" الأميركي للأبحاث أن الإسلام هو الأسرع نمواً كما ورد على موقع "بي بي سي عربي" في مارس عام 2017. فقد أفاد بأنه في عام 2070 سيكون الدين الأكثر انتشاراً في العالم. وأضاف أنه على الرغم من أن أكبر تعداد للسكان المسلمين كان في إندونيسيا عام 2010، فسوف يكون أكبر تعداد لهم في الهند عام 2050. كذلك من المتوقع أن يشكل المسلمون 10 بالمئة من سكان أوروبا عام 2050، فضلاً عن أنّ من المتوقع أن يصبح شخص واحد من بين 50 شخصاً في الولايات المتحدة مسلماً في العام نفسه.

إذاً، ما دام دين الإسلام هو الأسرع نمواً، فسوف تكون اللغة العربية تباعاً الأكثر انتشاراً، لأنه يستوجب على هؤلاء المسلمين أن يتكلموا اللغة العربية؛ لأن ذلك ضرورة لتأدية العبادات، ولا سيما الصلوات الخمس، فضلاً عن مناسك الحج.

يقول العالم اللغوي الكبير ديفيد كريستال في كتابه "موت اللغة": "تموت اللغة عندما لا يتكلمها أحد أبدًا". ولكي تبقى "اللغة حية"، يجب ألا يقل عدد الناطقين بها عن 500 متحدثٍ.

يقول الدكتور مهند الفلوجي في كتابه "معجم الفردوس": "والقرآن الكريم والحديث النبوي قدّما موسوعتين مرجعيتين للغة المفردات والنحو العربي، وكانا أهم سببين لحفظ اللغة العربية وصيانتها؛ لتكون أكثر اللغات حيوية في العالم مدة 14 قرناً. ثم إن هذين المصدرين فتحا عيون العرب وعقولهم للمعرفة الهائلة بعلوم الحضارات البائدة، فوسّع مداركهم، وأغنى لغتهم".

واستطرد: "لقد حوّل الإسلامُ العربَ الأجلاف والبدو إلى أمةٍ داعيةٍ لها هدفٌ أسمى في الحياة. وقد اكتسبت بعد الإسلام كلماتٌ كثيرة معاني دينيةً جديدةً؛ ومن ذلك مثلاً: الصلاة، والصوم، والحج، والزكاة. وكلمات مثل: المؤمن والمسلم، والكافر، والفاسق، والمنافق. كما ولّدت القيادة الإسلامية مصطلحات إدارية مثل: الخلافة والولاية والوزارة، والحجابة، والقضاء، والحِسبة".

ويقول الإمام الثعالبي في مقدمة "فقه اللغة وسرّ العربية": "من أحبّ الله تعالى، أحب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم؛ ومن أحبَّ الرسول العربي، أحبَّ العرب؛ ومن أحبَّ العرب أحبَّ العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العَجم والعرب؛ ومن أحبَّ العربية، عُنيَ بها، وثابر عليها، وصرف همَّته إليها، ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وآتاه حسن سريرة فيه، اعتقد أن محمداً صلى الله عليه وسلم خير الرسل، والإسلام خير الملل، والعرب خير الأمم، والعربية خير اللغات والألسنة، والإقبال على تفهمها من الديانة؛ إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين وسبب إصلاح المعاش والمعاد ثم هي لإحراز الفضائل، والاحتواء على المروءة، وسائر أنواع المناقب، كالينبوع للماء والزند للنار".

وبذلك أرى أن اللغة العربية محظوظة باقترانها بالإسلام؛ إذ إنه رفعها، وجعلها حية إلى يوم القيامة، فقد أولى الله تعالى عنايته الأبدية بكتابه الكريم، فقال جلّ وعلا: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ". إذاً، فالإسلام سرّ بقاء العربية.

3E7A7174-FBAB-41EE-9E9B-17EE3A36DE1E
أسماء راغب نوار
كاتبة ومترجمة مصرية، عربية مسلمة، أعشق تراب مصر ولا يزال لدي أمل في نهضتها، أعتز بلساني العربي أيما اعتزاز، أتخذ من الإسلام منهجًا للحياة غير مقتصرة على تأدية العبادات، أود تطبيق العدالة بين الناس كافة، درست اللغة الإنجليزية وآدابها وأعمل مترجمة. تعرّف عن نفسها بالقول: "لقد أقمت حياتي على مبدأ أن المطلق الوحيد هو الله وما دونه قابل للأخذ والرد إلا ما أنزل على رسوله أو ورد عنه، ووجهت نفسي للانتصار للحق وليس للرأي، ورفعت عن عقلي الوصاية فاستقل رأيي".