الخطاب السياسي التركي ومسألة اللاجئين

الخطاب السياسي التركي ومسألة اللاجئين

17 ديسمبر 2023
+ الخط -

تُستخدم الخطابات السياسية عادةً من قِبل أفراد أو جماعات أو أحزاب سياسية، من أجل الحصول على هدف أو سلطة معينة. وتكمن أهميتها ووظيفتها بإقناع الجهة المتلقية لهذا الخطاب بأمر معين تساعد المرسل على الوصول إلى سُلطة أو مكان معين، وعادةً ما تُستخدَم عبارات تعبيريّة تساعد في القضية، ومثال على ذلك عبارة استخدمها أحد مرشحي الأحزاب التركية تجاه اللاجئين السوريين، كانت بكلمة واحدة "سيرحلون".

وفي الوقت ذاته لا يزال مؤشر أعداد اللاجئين السوريين في تركيا يرتفع بالازدياد. فهناك الكثيرون الذين يحاولون الدخول إلى تركيا بطرائق غير شرعية، سواء للبقاء أو لإكمال الطريق نحو أوروبا بحثاً عن حياةٍ أفضل. ولكن في الوقت نفسه، فهذا المؤشر كان ينحني إلى الأسفل بسبب الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأخرى، وعملية الترحيل، وبسبب ضيق الأوضاع في البلاد. 

فما إن دخلنا تركيا في عام 2012 أو ما قبله ببضعة شهور، وظهر لقب "المهاجرين والأنصار فيما بيننا". ومع مرور الوقت وازدياد العدد أكثر فأكثر، بدأ الخطاب السياسي التركي تجاه اللاجئين عموماً والسوريين خصوصاً بالتغيير إلى يومنا هذا. وأما بعد عام 2017 فقد بدأت الخطابات تتغير، والقوانين تزداد شدة، والأزقة تضيق، والأعمال تقل، محاولين حصرنا في مناطق ضيقة لعلنا نرحل رغبةً منا، أو كما يصفونها هم "العودة الطوعية".

أصبح السوريون ورقة خطاب لأي حزب في البلاد، هناك من يعادي وجودهم، وآخرون يدعون لترحيلهم، وأحزاب أخرى لا حول لها ولا قوة

ولقد أصبح السوريون ورقة خطاب لأي حزب في البلاد، فهناك من يعادي وجودهم، وآخرون يدعون لترحيلهم، وأحزاب أخرى لا حول لها ولا قوة. والنقطة الأهم هي تجييش الرأي العام الذي كان يحصل من خلال وسائل الإعلام المختلفة كالتلفاز (نشرات الأخبار)، ومواقع التواصل الاجتماعي، وما تشاركه الحسابات، سواء كانت لجهات رسمية أو أفراد، والخطابات، والحملات الانتخابية، وغيرها. 

هذا الأمر شكل نزعة عنصرية لم تكن واضحة أو موجودة من قبل، ولا يزال الأمر يزداد تفاقماً. ففي آخر عصر انتخابي عاشته تركيا منذ حوالي ستة أشهر، افتخرت جميع الأحزاب بخطاباتها تجاه ترحيل اللاجئين، فمنهم من قال مليوناً، وآخرون طالبوا بترحيل الجميع، وثمّة أطراف أخرى حاولت خلق علاقات دبلوماسية سياسية مع النظام لعلها تصنع الفرق ظناً منها أنه الحل. 

من إذن السفر إلى موافقات أذونات العمل، ومروراً بالإقامات السياحية وغيرها وحتى على مستوى أماكن المعيشة، ولأصغر مشكلة يمكن أن تحدث، يواجه السوريون خطر الترحيل إلى منطقة هي أسوأ مما هم عليه الآن، وهي الشمال السوري. ولا شك أن هذه العملية أيضاً تؤثر بشكل كبير في الوضع الداخلي للمنطقة، سواء من حيث البطالة أو عدم الاستقرار أو تفريق العوائل أو تحمّل خسائر، والمحاولة ثانيةً بالدخول بطرق غير شرعية، يتكلف خلالها الشخص آلاف الدولارات. 

والأمر الذي ساعد على اتجاه القضية نحو الأسوأ، هو عدم وجود جهات رسمية سورية، سواء كانت من المعارضة أو منظمات المجتمع المدني أو جمعيات، تمكّنت من خلق علاقات مع جهات تركية رسمية من أجل الوصول إلى شبه حل قد يرضي عدة أطراف، أو الدفاع عن هذه الفئة من المجتمع (اللاجئين) التي يبلغ عددها حوالي 5 ملايين، من أصل 83 مليون مواطن أصلي في البلاد. 

والجدير بالذكر هو أن المفوضية السامية في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقول: "نعمل على ضمان أن يتمتع كل شخص بحق التماس اللجوء والبحث عن ملاذ آمن، هرباً من العنف أو الاضطهاد أو الحروب أو الكوارث في وطنه".    

وأما نحن فلقد بقينا بلا وطن، وأصبحنا سجناء في المهجر، ويُطلب منا العيش بأسوأ الأوضاع، أو الموت، ولله الأمر.

مصطفى الآس
مصطفى الآس
صحفي سوري مهتم بالكتابة والتدوين والتحرير.