حمزة المصطفى

تبدو معركة إدلب في سورية معركة تركيا في ظل تراجع قوات المعارضة السورية، واشتراطها ضمنيا انخراطًا عسكريا تركيًا مباشرا بعد تجارب مريرة سابقة. لدى أنقرة خياراتٌ كثيرةٌ في إدلب، أكثرها سوءا القبول بالوضع الحالي، لأنه ينهي دورها في الحل السياسي.

تعتقد الولايات المتحدة أنها حققت مأربها في سورية، من دون أن تضطر إلى دفع أثمان مادية وأخلاقيّة، وأن مكاسبها القائمة تعني بالضرورة خسائر لإيران على المدى الطويل. وهذا صحيح نسبيًا.

يطمح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى التخلص من عهد التقليد بجلب حداثة استهلاكية، مدجّنة في جوانبها القيمية، لا تهتم بتطوير ذاتية الفرد، بمقدار ما تسعى إلى توفير أسرة ضمن نمط استهلاكي، يبعده عن التفكير بما هو خارج رفاهيته.

لماذا تمكنت قطر من الصمود بوجه دول الحصار الأربع؟ ما هي عناصر القوة التي تحوزها؟ وكيف استثمرت ووظفت تلك العناصر؟ يوضح الكاتب حمزة المصطفى ذلك في مطالعته التالية، مركزاً على كيفية إدارة القيادة القطرية الأزمة بنجاح عبر استغلال عناصر القوة.

ثمّة إصرار على استغباء المتابع بالإيحاء أن المبادئ الست التي تستحضر مصطلح القانون الدولي بوصفها "تعويذة" تمثل امتدادا للمطالب الثلاثة عشر، وقد يكون ذلك مقصودًا، لحفظ ماء وجه دول حصار قطر الملبد بأرطالٍ من الفشل.

نختلف مع سياسات قطر الداخلية والخارجية أو نختلف معها، لكن ما تتعرّض له اليوم يشبه ما تعرّضت له تركيا قبل عام، وإن بدا المشهد مختلفًا. ولا شك أن صمودها سوف يمثل صفعة أخرى قبل نضوج الموجة المقبلة.

إذا كانت بعض دول الخليج قد حوّلت مواردها من "نعمة" إلى "نقمة" عليها وعلى غيرها، وأشهرتها سلاحًا ضد الشعوب الأخرى وتوقها إلى الحرية، فهذا لا يعني أن "وفرة الموارد" هي لعنة دائمًا. وهذا مجال جدال طويل بين الاقتصاديين.

تتجلى خصوصية الاستبداد العربي في شبكاته الزبونية والقرابية التي تستخدم لشراء الولاءات، وتأمين ظهير شعبيّ يساعد الأنظمة التسلطية العربية، وكذلك الحال بالنسبة إلى تمويله الكبير وتشابكاته الدوليّة، بما يجعله متماهيا تمامًا مع النظام السياسي الذي يحتكر الدولة، ويختصر المجتمع.

تراهن تركيا على حاجة الولايات المتحدة إليها في معركة الرّقة، نظرًا إلى عدم قدرة الأكراد على حسمها بعددهم وعتادهم الحالي. وتراهن أيضًا على أن حاجة الفصائل الإسلامية إليها، بحكم الموقع الجغرافي والمساعدات الإنسانية، ستدفعها إلى الأخذ بالاعتبار الرؤية التركية.

أدركت روسيا، بعد نحو عامين من تدخلها العسكري المباشر، عجزها عن فرض إرادتها في سورية، ما اضطرّها، في الراهن، إلى البحث عن نقاط التقاء مع الآخرين، وهو ما سوف يدفعها إلى تبني مقاربةٍ جديدة في المستقبل.