إنتاج الغذاء: الورقة الرابحة للصناعة المغربيّة

إنتاج الغذاء: الورقة الرابحة للصناعة المغربيّة

20 يناير 2015
الصناعة الغذائية توازن الميزان التجاري (عبد الحق سنا/فرانس برس)
+ الخط -
يحتل قطاع صناعة الأغذية في المغرب مكانة معتبرة على صعيد القطاعات الصناعية التي تساهم في الرفع من نسبة النمو في المغرب. كما يعمل القطاع على تقليص نسبة العجز المسجل على مستوى الميزان التجاري، وذلك في ظل تسجيل الصناعات الغذائية تطوراً من حيث الإنتاج الموجه للتصدير خلال السنوات الست الماضية. 

تطور مهم في ست سنوات
فقد عرفت صادرات صناعة الأغذية نحو الخارج ارتفاعاً بلغ 50% خلال السنوات الست الماضية، حيث انتقلت مداخيل هذا القطاع من 600 مليون دولار إلى 900 مليون دولار خلال سنة 2013. وسجلت صادرات الجبن والذرة أهم نسبة ارتفاع خلال هذه الفترة، مقارنة بالخضر المعلبة. ومع ذلك، فإن هذه الأخيرة ما زالت تستطيع تحقيق مداخيل مهمة تفوق 150 مليون دولار سنوياً منذ سنة 2008 حتى الربع الاول من العام 2015.
ويعكف المغرب حالياً على التوجه نحو أسواق جديدة لتسويق زيت الزيتون، خصوصاً الأسواق الفرنسية، البرازيلية، البرتغالية والألمانية. ولعل اهتمام المغرب بتنويع وجهات زيت الزيتون أملته حالة التراجع التي سجلتها صادرات زيت الزيتون خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2008 و2010 بنسبة وصلت إلى 10%.

أوربا الزبون الأول
فقد وجد المغرب موطئ قدم في القارة الأوروبية التي تعتبر الزبون الأول للمواد الغذائية المغربية، ذلك أن فرنسا تستحوذ لوحدها على 25% من منتوجات مصنّعي الأغذية. ويعتبر كل من زيت الزيتون، الأسماك والحوامض أهم المنتجات التي تصدرها شركات صناعة الأغذية نحو الخارج، حيث إن 49% من الصادرات المغربية من المواد الغذائية تتوجه نحو القارة الأوروبية وذلك منذ سنة 2007 إلى غاية 2013.
وتظهر المعطيات، التي حصلت عليها "العربي الجديد" من وزارة الاقتصاد والمالية المغربية، وصول حجم الصادرات المغربية من المواد الغذائية إلى ملياري دولار خلال سنة 2013، وتبقى فرنسا الوجهة الأولى للصادرات المغربية من المواد الغذائية، ذلك أنها احتكرت لوحدها أكثر من 38% من المواد الغذائية المصنّعة. 

الطماكم المغربية في الصدارة
بدورها، نجحت الطماطم المغربية المصنّعة في أن تستحوذ على 75% من السلعة ذاتها الموجودة في السوق الفرنسي، حسب ما كشفته وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي، كما أصبحت الطماطم المغربية تحتل المرتبة الأولى في الأسواق الأوروبية الكبرى وعلى رأسها ألمانيا والمملكة المتحدة.
وتعطي الطماطم، إلى جانب الحوامض، دفعة قوية للقطاع نظراً للإقبال المتزايد عليها. وقد درّ تصدير الطماطم أكثر من 300 مليون دولار على الشركات المصدّرة لها. أما بالنسبة للحوامض المصنعة، فقد مكّنت شركات إنتاج الحوامض وتحويلها من تحقيق أرباح بلغت 260 مليون دولار، كما أنها تمثل 31% من مجموع المواد الغذائية الموجهة للتصدير نحو الخارج.
وتعتبر فرنسا الشريك التجاري الأول للمغرب، وتستقبل إلى جانب الطماطم والحوامض، كلاً من الذرة المعلبة بنسبة 38%، ثم المنتوجات الحيوانية بنسبة 15%، ثم الفراولة المعلبة بنسبة 9%، والمربى بنسبة 7%، ثم زيت الزيتون بنسبة 6% وأخيراً المشروبات الروحية بالنسبة نفسها.
وتأتي خلف فرنسا، كل من الولايات المتحدة الأميركية التي تستقبل 9.8% من المنتوجات الغذائية المغربية المصنعة، ثم إسبانيا في المرتبة الثالثة بنسبة 6.6%، ثم لوكسمبورغ وبلجيكا بنسبة 4.9%.

المدن الصناعية الصغيرة
النتائج الجيدة التي يحققها قطاع صناعة الأغذية في المغرب، سواء على مستوى الصادرات نحو الخارج أو على مستوى الرفع من قدرته الإنتاجية، دفعت الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، إلى الإلحاح على ضرورة أن يعمل المغرب على تطوير قطاع تصنيع الأسماك، نظراً لكون المغرب يمتلك مساحة شاسعة للصيد، "لكن لم تتم عصرنة قطاع المنتوجات السمكية بشكل كامل"، على حد تعبير الكتاني، الذي اقترح أن يتم تحويل جميع قرى الصيد البحري إلى مدن صغيرة صناعية يتم فيها تعليب السمك وتصديره.
وسلّط الخبير الاقتصادي الضوء على قطاع إنتاج زيت الزيتون الذي يلاقي إقبالاً محلياً ودولياً، ذلك أنه بإمكان المغرب الرفع من إنتاجه، لأنه يتوفر على طاقة تشجير كبيرة غير مستغلة لحد الآن. وبرر الكتاني أهمية هذا القطاع بكونه يتوفر على قيمة مضافة كبيرة أكثر من تلك التي يضيفها قطاع الحوامض والطماطم.
وفي حال نجح المغرب في الرفع من مستوى إنتاجه للأسماك وزيت الزيتون، توقع الكتاني أن ينجح المغرب في الرفع من حجم حضوره في أسواق استهلاكية مهمة، وعلى رأسها السوق الخليجية والسوق الأميركية التي تربطها مع المغرب اتفاقية تبادل حر.
من جهته، رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة الحسن الثاني عثمان كاير أن قطاع الصناعات الغذائية يلعب دوراً كبيراً في الرفع من النشاط الصناعي في المغرب، ويساهم في عدم ارتفاع نسبة عجز الميزان التجاري. لكنه أكد في الوقت نفسه على أهمية تنويع المغرب لوجهات منتوجاته الغذائية، على اعتبار أن السوق الأوروبية التي تعتبر الشريك التجاري الأول للمغرب قد وصلت إلى مرحلة إشباع وليس هناك من نمو للاستهلاك في معظم الدول الأولى.
ويكمن البديل، بحسب عثمان كاير، في الانفتاح على أسواق جديدة "وخصوصاً أن المغرب تربطه اتفاقيات تبادل حر مع العديد من الدول التي يبلغ تعداد سكانها مجتمعة أكثر من مليار فرد، وعلى رأسها السوق الصينية والأميركية وتركيا"، مشترطاً ضرورة فهم هذه الأسواق والرفع من جودة المنتوجات الغذائية المغربية وكذلك تقوية تنافسية قطاع صناعة الأغذية "لأن المغرب يواجه منافسة قوية من طرف إسبانيا والبرتغال وتركيا".

دلالات

المساهمون