النفط الصخري وثورة البقاء

النفط الصخري وثورة البقاء

17 ديسمبر 2014
النفط الصخري الأمريكي (أندرو بيرتون/غاتي)
+ الخط -
يبدو أن تهاوي أسعار النفط الخام إلى أكثر من 35 إلى 40%، قد يجعل العالم يفكر ببداية نهاية حلم الدول، خارج "أوبك"، في أن تتحكّم أو تسيطر أو تؤثر في أسعار النفط في الأسواق العالمية، عبر النفط الصخري. ولنتذكر أن العديد من الأبحاث قد اعطت أملاً كبيراً في هذا المجال.
عندما تراجعت أسعار النفط إلى مادون الـ65 دولاراً، انخفضت استثمارات الشركات في النفط الصخري. ومعادلة الترابط هذه قائمة على أن تراجع سعر النفط سيجعل من كلفة إنتاجه وسعره أقل بكثير من كلفة إنتاج النفط الخام الصخري. خصوصاً أن الأخير يتطلب تقنيات تكنولوجية عالية، إضافة الى المخاطر الكبيرة في عمليات الاكتشاف والتنقيب.
والنفط الصخري هو نوع من النفط الخفيف الذي يتم إنتاجه من صخور تحوي ترسّبات مادة الكيروجين. والأخيرة يتم تحويلها بالحرارة الى سائل هيدروكربوني بديل للنفط الخام وكلفة استخراجه عالية. ويختلف هذا النفط عن النفط الرملي أو الغاز الصخري والنفط الخام الطبيعي. في الولايات المتحدة الأميركية حصلت ثورة ضخمة في إنتاج النفط الصخري، خاصة في ولاية تكساس الغنية بهذا النوع من النفط. وقد صرح الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في ديسمبر/ كانون الأول 2012، أن الولايات المتحدة ستتخطى السعودية لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم في 2017، بفضل النفط الصخري. آنذاك، عبّرت منظمة "أوبك" عن قلقها من ارتفاع إنتاج النفط الصخري الذي يهدد مستقبل الطلب على النفط الخام.
ويبلغ الإنتاج الحالي من حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة، وفقاً لآخر الدراسات الخليجية، نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً. أما توقعات ناتج النفط الصخري الأميركي لعام 2015 التي تبلغ 1.1 مليون برميل يومياً، فستنخفض إلى 800 مليون برميل يومياً في النصف الثاني من العام. علماً أن النفط الصخري ساهم في درء المخاطر الجيوسياسية والاضطرابات هذا العام.
الخبر الاكثر ارتباطاً بالتحليل السابق، هو عزم شركة "شيفرون" بيع حصة قدرها 30% من أصولها في مكامن "دوفيرني" للنفط الصخري في كندا، إلى الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية مقابل 1.5 مليار دولار. وتمتلك "شيفرون" امتيازات تنقيب في نحو 1335 كيلومتراً مربعاً الواقعة على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال غربي إدمونتون في ألبرتا. وستكون هنالك شراكة لتقييم وتطوير الأماكن الغنية بالسوائل في منطقة كيبوب في دوفيرني، وستحتفظ "شيفرون" كندا بحق إدارة أصول مكامن "دوفيرني" بحصة قدرها 70% في المشروع المشترك بعد إتمام الصفقة.
وهذا ما جعل سهم "شيفرون" يؤشر بالهبوط نحو 10% على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة حتى إغلاق يوم الجمعة الماضي في بورصة نيويورك، حين بلغ سعر السهم 117.71 دولاراً.
ولذلك، نجد أن تقرير مؤسسة ستاندرد آند بورز، بيّن أنه لا يوجد أي تأثير ملموس للنفط الصخري على منتجي النفط والغاز في مجلس التعاون الخليجي. وأشار التقرير إلى أن تأثيره سيكون ضئيلاً في الوقت الراهن.
لكن القلق الكبير أن ثورة النفط الصخري تظهر بصورة أخرى بعيدة عن كل ما قلناه، وهو أن غالبية النفط الصخري الذي سينتج عامي 2015 و2016 تم بيعه ضمن العقود الآجلة فوق 95 دولاراً للبرميل، فهذا سيخفف من الضغط على شركات النفط الصخري.
ويبدو أن لسان الحال يؤشر الى توقعات مفتوحة، خصوصاً مع الأخذ بتصريح الأمين العام لمنظمة أوبك، عبد الله البدري، من أن النفط الاحفوري أحكم سيطرته على سوق الطلب العالمي، وربما يمثّل النفط الصخري إضافة جديدة للمعروض، لكنه لن يؤثر على أوبك. فهو في حقيقة الأمر سيزيد هذا الإنتاج حتى عام 2018 ثم سينخفض.
إن ثورة الغاز الصخري الأميركي لن يتجاوز عمرها خمس سنوات، وفقاً لاحدث الدراسات الاميركية، حيث ستبلغ حقول الغاز ذروة إنتاجها في العام 2020، وبعد ذلك يبدأ الإنتاج في التدهور السريع.
ختاماً، لا بد من الإشارة إلى تصريح لجيم روجرز، مالك مؤسسة روجرز القابضة، إذ يقول: "إن قيام منظمة الدول المصدرة للبترول، "أوبك"، بزيادة الإنتاج اليومي للنفط ليتجاوز المستوى الحالي، 30 مليون برميل يومياً، سيؤدي إلى هبوط أسعار النفط وإفلاس الشركات الأميركية التي تقوم بتطوير استخراج النفط الصخري الذي تعد كلفة استخراجه أعلى مقارنة باستخراج النفط الخام".

المساهمون