"داعش" يبدّل تكتيكاته في عين العرب

"داعش" يبدّل تكتيكاته في عين العرب

30 نوفمبر 2014
سقط العديد من الضحايا نتيجة التفجير (أورثان سيسيك/الأناضول)
+ الخط -

شهدت مدينة عين العرب، أمس السبت، تحولاً في التكتيك العسكري الذي يتبعه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في المدينة.

ففي الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات العنيفة بين التنظيم ووحدات حماية الشعب الكردية في أحياء متفرقة من جنوب وشرق المدينة، قام التنظيم بعملية التفاف خلف الفصائل التي تقاتله من الجهة الشمالية، ليفاجأ عناصر وحدات حماية الشعب الكردية (أكبر الفصائل التي تقاتل التنظيم) بتسلل عناصر من "داعش" من جهة معبر مرشد بينار الحدودي التركي بعد تفجير سيارة مفخخة في المعبر. وتم الاشتباك بين عناصر "داعش" وقوات وحدات الحماية وسط أنباء عن إصابات في صفوف الطرفين، كما نفّذ طيران التحالف عقب التفجير غارة جوية على تجمعات التنظيم في محيط المعبر.

ويبدو أن الخلافات التركية الأميركية بشأن الملف السوري تؤدي دوراً كبيراً في حسم المعارك في عين العرب. وقد وصلت هذه الخلافات إلى حد مهاجمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء الماضي ما وصفه بـ"وقاحة" الولايات المتحدة في ما يخص الأزمة في سورية، إذ قال أمام اجتماع لرجال الأعمال في أنقرة "لماذا يأتون من مسافة 12 ألف كيلومتر إلى هذه المنطقة؟ أريدكم أن تعرفوا أننا ضد الوقاحة وضد الرعونة وضد المطالب التي لا نهاية لها".

كما اتهم واشنطن باستحضار الضمائر في عين العرب، فيما لم تحرك ساكناً أمام النظام السوري الذي ذبح أكثر من 300 ألف من شعبه.

وقد بدا منذ بداية المعارك في عين العرب في سبتمبر/أيلول الماضي أن المعركة في المدينة هي معركة سياسية أكثر منها معركة ميدانية، وأن حسمها يرتبط بشكل أساسي بمدى التوصل لتوافق تركي – أميركي حول طريقة التدخل لحل الأزمة في تلك المنطقة بشكل خاص والأزمة السورية بشكل عام. فتركيا التي طالبت بإدراج إزاحة الأسد كأولوية توازي أولوية محاربة الإرهاب، لديها مخاوف أيضاً من تحول السلاح الذي يصل لوحدات حماية الشعب (الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي – الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني)، عن طريق الأميركيين إلى سلاح ضدها. كما أن عدم حصول تركيا على ضمان بعدم قيام حكم ذاتي شمال سورية من شأنه أن يطيل الأزمة في عين العرب.

وقد سارعت معظم الفصائل والأحزاب الكردية إثر التطور الأخير في عين العرب إلى تحميل تركيا المسؤولية عن اختراق تنظيم "داعش" لخطوط الفصائل الكردية من الخلف، فبعضها اتهم حكومة أنقرة بالوقوف موقف المتفرج فيما يتهمها البعض الآخر بتسهيل دخول مقاتلي "داعش" عبر المعبر التركي إلى مدينة عين العرب.

ويرى القيادي في المجلس الوطني الكردي في عين العرب، أدهم باشو، لـ"العربي الجديد" أن "اتهام بعض وسائل الإعلام لتركيا بتسهيل دخول عناصر تنظيم داعش هو أمر حساس ودقيق ويجب التوقف عنده مطولاً، إلا أنه من غير الممكن لدولة أن تتورط بدعم تنظيم إرهابي يحاربه العالم بأجمعه". ويضيف "هذا يعيدنا الى المربع الأول، فربما تكون هناك بعض الدول تريد خلط الأوراق والاصطياد في المياه العكرة وتحاول فرض أجنداتها ولو بطرق غير قانونية، فداعش مخترق من الكثير من الدول". ويستبعد باشو "أي تطور يحصل مستقبلاً لأن هناك أكثر من دولة يخدم تنظيم داعش أجنداتها وفي مقدمتهم النظام السوري".

وعن الوضع الميداني في المنطقة، يلفت باشو إلى أنه "سقط العديد من الضحايا نتيجة التفجير، إلا أن تنظيم داعش لم يتمكن من السيطرة على المعبر إلى الآن".

أمّا المتحدّث الرسمي باسم "تيار المستقبل الكردي"، علي تمو، فأشار في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنّه "في ظل تواجد خطط إعلامية مسيّسة لدى كافة الجهات، فإنّ الأنباء متضاربة حول تداعيات وقوع التفجير في المعبر اليوم، وبما أنّ الحدود مفتوحة، فليس من الصعب اختراقها من قبل "داعش" بطرق غير شرعية، أو باتفاق فردي مع حرّاس المعبر". ولم يستبعد تمو، "لجوء داعش إلى هذا الفعل بغية خلط الأوراق بعد تفاهم تركي أميركي على دعم القوات المشتركة في عين العرب".

من جهته، أكد الصحافي مجيد محمد، لـ"العربي الجديد" أنّ "معارك محتدمة دارت بين المقاتلين الأكراد وعناصر داعش في الأحياء الشرقية والغربية لمدينة عين العرب، شهد أعنفها حي الجمارك، وذلك بعد قيام داعش بتفجير سيارة مفخخة في معبر مرشد بينار الواصل بين مدينتي عين العرب وبينار التركية، ما أدى لوقوع ضحايا في صفوف المقاتلين الأكراد".

ورجّح محمد وصول سيارة "داعش" المفخخة إلى المعبر "عن طريق الجانب التركي، كون الأكراد يسيطرون على المعبر من الجانب السوري" مشيراً إلى أنّ اشتباكات أعقبت التفجير في محيط المعبر بين الأكراد وعناصر "داعش" المتسللين من تركيا".

في هذه الأثناء، شنّت طائرات التحالف الدولي غارات على منطقة المعبر وقمة مشتة نور في محيط مدينة عين العرب. كما قصفت قرية ترميك جنوبها، مما أسفر، وفقاً لمحمد، عن "وقوع قتلى لداعش وتدمير ثلاث دبابات له".

من جهته، صرّح قيادي في لواء "فجر الحرية" التابع للجيش السوري الحر، والمقاتل إلى جانب الأكراد في عين العرب، أنّ "داعش حاول الدخول إلى المدينة من المعبر التركي بعد تفجير سيارة مفخخة أسفر عن مقتل اثنين من الأكراد، أحدهما مقاتل والآخر مدني، بالإضافة إلى إصابة 14 آخرين بجروح، بينهم قائد كتيبة شمس الشمال الملقب بأبي ليلى".

وتشهد مدينة عين العرب منذ أواخر شهر أيلول/ سبتمبر الماضي معارك كرّ وفرّ بين مقاتلي الأكراد وبعض فصائل الجيش الحر من جهة، وبين عناصر "داعش" من جهة أخرى، إثر محاولة الأخير السيطرة على المدينة بعدما تمكّن من الاستيلاء على كافة قراها المحيطة.

المساهمون